منح العار.. تلاحق الجزائريين منذ 50 سنة! – كشف أسرار وتأثيرات هذا الوصم الممتد

تُعاني المنح العائلية في الجزائر من التراجع والقوانين القديمة التي لم تواكب تطور الأجور وتغيرات الظروف المعيشية، حيث تهدد هذه المنح الاجتماعية التي تمنح مقابل 300 دج عن كل طفل المستفيدين من العمال في القطاعين العام والخاص.

التحديات التي تواجه المنح العائلية في ظل الأجور الجديدة

تعود جذور المنح العائلية في الجزائر إلى قوانين صدرت في الستينات والثمانينات، وتم تعديلها آخر مرة عام 1997 بمرسوم رئاسي رقم 330/97، حين كان الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 5000 دينار وأُعتمد أجر مرجعي قدره 15 ألف دينار لتحديد شريحة المستفيدين وقيمة المنح، إذ يُمنع ذوو الأجور الأكبر من 15 ألف دينار من الحصول على المنح كاملة وينخفض دعم الأطفال بنسبة 50% لهم.
مع مرور 18 سنة على آخر تعديل، ارتفع الحد الأدنى للأجور إلى 18 ألف دينار بينما بقيت المنح العائلية ثابتة دون تحديث ملموس، ما أدى إلى مشاكل حقيقية لعدد كبير من العمال، خاصة بعد تعديل المادة 87 مكرر التي كان الغرض منها تحسين أجور العمال ذوي الدخل الضعيف، حيث تقلصت منح هؤلاء إلى النصف رغم زيادة رواتبهم.

تفاصيل قيمة المنح العائلية ومنحة التمدرس بين القديم والتحديث المطلوب

لا تزال وزارة العمل تعتمد على أجر مرجعي قدره 15 ألف دينار في تحديد قيمة المنح، ما يجعل العمال الذين يزيد أجرهم عن هذا الرقم يتقاضون 300 دينار فقط عن كل طفل، مقارنة بـ600 دينار لمن يقل أجره عن 15 ألف دينار، وهناك تمييز إضافي يبدأ من الطفل السادس حيث ينخفض الدعم إلى 300 دينار فقط.
تُصرف منحة التمدرس للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و17 سنة، أو حتى 21 سنة للطلاب، بنحو 800 دينار للطفل الأول وحتى الخامس، وتنخفض إلى 400 دينار ابتداءً من الطفل السادس لمن يقل أجر رب الأسرة عن 15 ألف دينار، بينما يُخفض هذا المبلغ إلى 400 دينار للطفل الواحد لمَن يزيد دخله الشهري عن هذا الرقم المرجعي.
هذه الأرقام التي كانت مناسبة قبل عقود، باتت تُعد “بقشيشًا” وفق تعبير النقابات ومنظمات المجتمع المدني، فهي لا تواكب ارتفاع الأسعار ولا الحاجيات الفعلية للعائلات، كما أن المنح المقدمة للمرأة الماكثة بالبيت تبدو مهملة ولا تعكس دورها الفعلي في المجتمع.

ملاحظات النقابات والمطالب البرلمانية لتحديث المنح العائلية

انتقدت نقابة “سناباب” بشدة قيم المنح العائلية التي لم تتغير منذ سنوات طويلة، معتبرة إياها “منحة العار” بسبب انخفاض قيمتها مقارنة بالتكاليف المعيشية، حيث تصل منحة المرأة الماكثة في البيت بدون أطفال إلى 5.50 دج شهريًا فقط، بينما منحة الزوجة التي لديها أطفال 800 دج توضع ضمن راتب الزوج.
مطالب برلمانية عبر رئيس كتلة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف أكدت على ضرورة مراجعة وتكييف قيمة هذه المنح بما يتناسب مع القدرة الشرائية الحديثة والحد الأدنى للأجور، مشيرًا إلى أن تلك المنح ما زالت تعتمد على قوانين قديمة لا تعكس الواقع الاقتصادي الحالي. كما طالب بزيادة منحة المرأة الماكثة في البيت لتصبح ملائمة لدورها المالي والاجتماعي.
رئيسة جمعية “نساء في شدة” غوربت على هذا الرأي وأكدت أن الدعم المقدم للمرأة الماكثة في البيت منخفض جدًا ومُهين، واقترحت توفير مساعدات مادية حقيقية تسمح لها بالاستفادة والعمل على تطوير مهاراتها وإثبات ذاتها بشكل مستقل.
في غضون ذلك، أشار المحامي حسان براهيمي إلى أن 80% من المؤسسات الخاصة تحرم الموظفين من المنح العائلية، مؤكدًا أن القانون يمنح العمال الحق في المطالبة بحقوقهم أمام القضاء، ويُعاقب أصحاب العمل الذين يتعدون على هذه الحقوق عن طريق مفتشية العمل.

نوع المنحة المستفيد (أجر ≤ 15000 دج) المستفيد (أجر > 15000 دج)
منحة الطفل 600 دج للطفل الأول حتى الخامس
300 دج ابتداءً من الطفل السادس
300 دج لكل طفل
منحة التمدرس 800 دج للطفل الأول حتى الخامس
400 دج ابتداءً من الطفل السادس (مرة واحدة في السنة)
400 دج لكل طفل (مرة واحدة في السنة)
منحة المرأة الماكثة بالبيت بدون أطفال 5.50 دج شهريًا

تبدو المنح العائلية في الجزائر بحاجة ضرورية إلى تحديث فوري لتتماشى مع الظروف الاقتصادية الحالية، إذ أن عدم التكيف مع ارتفاع الأجور والأسعار قلل من أثرها الاجتماعي وأدى إلى شعور واسع بعدم الإنصاف لدى ملايين العمال والأسر، الأمر الذي يتطلب وقفة جادة وإصلاحات حقيقية تضمن للأسر استحقاقاتها بشكل عادل وفعّال.

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.