فرص التوفير تُطرح.. هل سيكون تخزين فائض إنتاج النفط مجدياً في ظل الظروف الراهنة؟
تتجه السوق العالمية نحو فائض ضخم في النفط الخام بحلول أوائل عام 2026، حيث توقع مصرف “ماكواري” وجود فائض هائل يصل إلى مستوى وصفه بـ”الهزلي”، وهذا يتطلب تخزين ملايين البراميل من النفط في خزانات مخصصة. لكن التحدي هذه المرة يكمن في ارتفاع أسعار الفائدة الذي لم يكن موجودًا في الفترات المشابهة خلال الـ25 سنة الماضية، مما يجعل تمويل فائض النفط أكثر تكلفة ويزيد من الضغوط على السوق.
تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على تخزين فائض النفط الخام
يمثل ارتفاع أسعار الفائدة عاملاً رئيسيًا في تكلفة تمويل تخزين فائض النفط الخام؛ فكلما زادت أسعار الفائدة، زادت تكلفة الاحتفاظ بالبراميل لفترات طويلة في الخزانات، ما يؤثر على جدوى الاستثمار في التخزين. عادةً، يتم قياس ظاهرة “كونتانغو” من خلال الفرق بين سعر النفط الفوري وسعر تسليم النفط بعد عام، حيث تؤثر ثلاثة عوامل في مدى اتساع هذا الفرق: حجم الفائض، تكلفة التخزين، وتكلفة التمويل التي تضم أسعار الفائدة. كلما تضخم الفائض، يزداد الطلب على خزانات التخزين التي تبدأ من الخزانات الكبيرة ثم تنتقل إلى الخيارات الأقل مركزية مثل الناقلات العائمة، مما يرفع تكلفة التخزين بشكل كبير.
كيف تغيرت منحنيات أسعار النفط مع زيادة الإنتاج والفائض المتوقع؟
بعد إعلان منظمة “أوبك+” زيادة الإنتاج، بدأ شكل منحنى أسعار النفط يأخذ منحى جديدًا نحو انعكاس الأسعار بين السوق الفورية وأسعار العقود المستقبلية، وهو ما يُعرف تقنيًا بـ”كونتانغو”، حيث يصبح من المجدي شراء النفط بسعر منخفض اليوم وتخزينه للبيع مستقبلاً بسعر أعلى. مرت السوق بمراحل مشابهة خلال الأزمات السابقة، مثل حرب الأسعار في 2020 بين السعودية وروسيا، وأيضًا في 2014-2017 خلال منافسة السعودية مع النفط الصخري في أمريكا. ظاهرة “كونتانغو” كانت حاضرة في هذه الفترات لتعكس تخزين الخام وقلة الطلب القوي.
تحديات متوقعة في سوق النفط الخام وضرورات التمويل حتى 2026
تكلفة التمويل المرتفعة في الوقت الحالي، والتي تجاوزت 4% مقارنة بفترات فائض النفط السابقة التي كانت دون 3%، ستجبر منحنى أسعار النفط على اتخاذ شكل “كونتانغو” أعمق لتغطية التكاليف الإضافية. هذا الفارق يمثّل زيادة تقارب 10 سنتات للبرميل شهريًا بين سعر الشراء الفوري والعقد المستقبلي، ما يعني أن السعر المستقبلي يجب أن يتجاوز السعر الفوري بأكثر من دولار للبرميل خلال فترة عام واحد لتغطية تمويل التخزين. علاوة على ذلك، تستمر الصين في استيعاب جزء كبير من الفائض لأغراض استراتيجية، مما أبقى السوق في حالة “باكورديشن” مؤقتة، لكن ذلك قد لا يكفي مع بداية موجة فائض النفط القادمة التي ستزداد وضوحًا مع توسع التخزين التجاري والزوارق الناقلة.
الفترة | متوسط أسعار الفائدة (عائد سندات الخزانة 10 سنوات) | ظاهرة كونتانغو |
---|---|---|
2009 | حوالي 2.5% | موجودة |
2015 | حوالي 2% | موجودة |
2020 | أقل من 1% | موجودة |
2024-2026 (متوقع) | أكثر من 4% | قيد التشكّل |
مع فترة استغراق السوق لاستيعاب كميات الفائض وتفريغ الناقلات، تصبح الحاجة إلى تخزين النفط في الأسواق التجارية ضرورية، خاصة إذا انزاح منحنى الأسعار بشكل كافٍ ليجعل التخزين اقتصاديًا ومستدامًا رغم ارتفاع التمويل. هذا يعني أن عتبة 60 دولاراً للبرميل قد تواجه ضغوطًا متزايدة من موجة فائض النفط القادمة، مما يشير إلى حالة من عدم الاستقرار والتقلب في الأسعار خلال الفترة المقبلة.