مواجهة حاسمة.. الرئيس ماكرون في ورطة تواجه تحديات سياسية واقتصادية معقدة

استقال رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو بعد أقل من شهر على تعيينه، نتيجة تصاعد الأزمة السياسية التي عمقت حالة الانسداد في الحكومة الفرنسية، مع تباين حاد في المواقف بين الأحزاب، لا سيما حزب “الجمهوريون” اليميني الذي رفض تعيين وزير الجيوش برونو لومير. هذه الاستقالة جعلت لوكورنو صاحب أقصر فترة تولي رئاسة الوزراء في تاريخ فرنسا الحديث.

الأزمة السياسية وتأثير استقالة رئيس الوزراء الفرنسي على تشكيل الحكومة

رغم محاولات لوكورنو بناء جسور تفاهم مع الشركاء والنقابات للخروج من الأزمة، إلا أن رفض الأحزاب السياسية تقديم تنازلات في برامجها وحصرها في فرض شروط معينة عرقل تشكيل حكومة مستقرة؛ وهو ما دفعه للاستقالة، معلناً أنه لا يريد أن يستمر في منصبه في ظل هذه الظروف. تعيينه في 9 سبتمبر الماضي أثار انتقادات حادة من المعارضة واليمين، خاصة بعد الإعلان عن التشكيلة الحكومية التي لم تلق ترحيباً من الأحزاب الكبرى؛ ما أفسح المجال أمام مزيد من التعقيد السياسي في البلاد.

خيارات الرئيس ماكرون بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي وسط الأزمة الحالية

يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون خيارات شائكة بعد رحيل لوكورنو، فإما أن يستقيل هو شخصياً رغم استبعاد هذا الاحتمال حالياً، أو يلجأ إلى حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة قد لا تضمن له الأغلبية، أو يكلّف شخصية جديدة بتشكيل حكومة رغم استحالة تغيير المشهد السياسي الراهن. الكتلتان النيابيتان الرئيسيتان، من اليسار وأقصى اليمين، تضعان عراقيل أمام أي حكومة تحاول تجاوز مطالبهما، ما يزيد من الضغوط على ماكرون الذي يرفض حتى الآن الدعوات المتكررة للاستقالة أو حل البرلمان قبل انتهاء ولايته في 2027.

التحديات الاقتصادية وتأثير الانقسامات في البرلمان على السياسة المالية في فرنسا

قبل استقالته، كان لوكورنو يتحضر لتقديم ميزانية تقشفية للعام المقبل أمام برلمان منقسم بحدة، في ظل ارتفاع قياسي للديون العامة الفرنسية التي أصبحت ثالث أعلى نسبة في الاتحاد الأوروبي بعد اليونان وإيطاليا، وبما يتجاوز بكثير سقف معايير الاتحاد. شريط الموازنة تعرض للفشل في عهد سابقيه، وبالرغم من وعد لوكورنو بمنح النواب فرصة للتصويت على الميزانية بدلاً من فرضها بمرسوم رئاسي، فإن الانقسامات والسياسات المتضادة في البرلمان حالت دون تقليص الفجوة المالية. في ظل هذه الأوضاع، توقع زعماء اليمين المتطرف، مثل جوردان بارديلا ومارين لوبان، إجراء انتخابات تشريعية جديدة قريباً، مع استعداد حزب التجمع الوطني لتولي السلطة في حالة حدوث تحول سياسي، مؤكدين على ضرورة حل الجمعية الوطنية، في حين انتقد وزير الداخلية المستقيل رفض حزبه لترؤس رئيس وزراء من اليسار.

الخيار الوصف التأثير المتوقع
استقالة الرئيس مغادرة ماكرون المنصب قبل انتهاء ولايته احتمال ضعيف حالياً، لكنه يعني تغيراً جذرياً في المشهد السياسي
حل الجمعية الوطنية دعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة إمكانية فقدان الأغلبية النيابية للرئيس وزيادة حالة الانقسام
تشكيل حكومة جديدة تعيين شخصية جديدة لتشكيل الحكومة قد لا تُحدث تغييراً بسبب الانقسامات السياسية الحادة

تعكس استقالة سابع رئيس وزراء في عهد ماكرون عمق الأزمة السياسية التي بدأت مع الانتخابات التشريعية الماضية، والتي أدت إلى برلمان مشطور بين ثلاث كتل متناحرة، متسببة في تعقيد كبير للقرارات الحكومية. تبرز هذه الأزمة مواطن ضعف كبيرة في قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات مالية واجتماعية فعالة وسط العداوات الحزبية المتفاقمة، مع زيادة نفوذ اليمين المتطرف بشكل لافت قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2027.

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.