موجة جديدة.. مشتقات «كرة الثلج» تغزو الأسواق الصينية وتطرح فرص استثمار وأخطار مالية كبيرة

تعتبر مشتقات كرة الثلج المالية إحدى الأدوات الاستثمارية التي تزداد شهرتها في الأسواق الصينية، إذ تجمع هذه المشتقات بين فرص تحقيق عوائد مرتفعة ومخاطر خسائر كبيرة؛ مما يجعلها محور نقاش واسع بين المستثمرين والهيئات التنظيمية على حد سواء. في ظل تراجع العوائد التقليدية وارتفاع تقلبات السوق، يبحث المستثمرون عن فرص جديدة تحمل في طياتها دوافع ربحية، وهو ما توفره هذه المشتقات المتقلبة.

مخاطر ومميزات مشتقات كرة الثلج المالية في الأسواق الصينية

تشكل مشتقات كرة الثلج تحديًا مبهمًا بين الاستثمار الآمن والمخاطرة الشديدة؛ فبالرغم من تسميتها التي توحي بالهدوء والثبات، قد تتحول إلى انهيار مالي متدحرج عند تحقق شرط الخسارة، حيث يخسر المستثمر مبالغ كبيرة بدلًا من عوائد متوقعة. تعتمد هذه المشتقات على مؤشرات مرجعية للأسهم أو السلع تكون مربوطة بنطاق سعري محدد عادة بين 75% و105% من قيمة الأصل خلال فترة العقد، ما يمنح المستثمر حقوقًا في الحصول على كوبونات دورية إذا ظل المؤشر ضمن هذا النطاق؛ لكن تحرك المؤشر خارج هذا الحيز يُفعّل شروطًا تؤثر على حقوق المستثمر.

  • إذا انخفض المؤشر تحت الحد الأدنى، فتتفعّل خاصية “شرط الخسارة” التي تعني تعرّض رأس المال للخطر بتكبد خسائر تتناسب مع نسبة الهبوط.
  • أما تجاوز المؤشر للحد الأعلى، فيفعّل خاصية “الإنهاء المبكر” التي تُنهي العقد مع توزيع العوائد حتى لحظة الإغلاق.

يُعد هذا الجمع بين خصائص أدوات الدخل الثابت والمنتجات المضاربة عالية المخاطر سببًا رئيسيًا في جذب وإثارة مخاوف المستثمرين.

عوائد مرتفعة مقابل مخاطر الاستثمار في مشتقات كرة الثلج بالصين

تشير التقديرات الصادرة عن شركة تشاينا إنترناشونال كابيتال إلى أن مشتقات كرة الثلج تحقق عوائد سنوية متوسطة تصل إلى 20%، مع تسجيل بعض الحالات استثناءات بعوائد وصلت إلى 71%، وهو فارق هائل مقارنة بعائدات الودائع المصرفية المحدودة التي تتراوح بين 2 و3%. تُعزى هذه العوائد المرتفعة إلى طبيعة المخاطرة في هذه المشتقات التي تعتمد على استقرار المؤشرات المالية ضمن نطاق ضيق، وهو أمر يصعب توقعه عند تقلب الأسواق العالمية الحاد.

وتحمل هذه المنتجات سمات تجعلها محفوفة بالمخاطر، منها:

  • مراقبة الحد الأدنى للخسارة بشكل يومي، مقابل مراجعة الحد الأعلى للإغلاق شهريًا فقط، مما يعزز احتمالية تكبّد الخسائر أكثر من تحقيق المكاسب.
  • عند كسر حد الخسارة، تضطر المؤسسات المالية المصدرة إلى تصفية مراكز التحوط سريعًا عبر بيع العقود الآجلة، مما يضاعف من الضغوط البيعية ويعمّق الانخفاضات.
  • انخراط شرائح واسعة من المستثمرين الأفراد الذين يميلون إلى سلوكيات الذعر عند تذبذب السوق، يزيد من حدة التقلبات المالية.

شهد عام 2024 حالة انتشار واضحة لمشكلات خسائر المستثمرين، إذ تعطلت العديد من العقود وواجهت خسائر مباشرة بسبب هبوط المؤشرات المرجعية.

الهيئات التنظيمية الصينية وخطوات ضبط سوق مشتقات كرة الثلج

تتصدر الصين منطقة النشاط الكبرى لمشتقات كرة الثلج، التي تحظى بإقبال واسع من فئات متعددة، خاصة الأثرياء والمستثمرين الأفراد الباحثين عن عوائد تفوق المعدلات التقليدية في ظل استمرار أسعار الفائدة المنخفضة. يتركز التداول بشكل رئيسي على مؤشرات الأسهم المحلية مثل “CSI 500” و“CSI 1000”، ويُقدّر حجم هذه السوق بحوالي 100 مليار يوان عام 2025، بعد تقلصه من أكثر من 200 مليار يوان في بداية 2024. يبرز دور بعض البنوك مثل مصرف تشاينا ميرتشانتس بنك الذي وزع وحده منتجات بقيمة تفوق 30 مليار يوان حتى الآن.

مع تزايد المخاوف من تأثيرات هذه المشتقات على الاستقرار المالي، اتخذت لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية إجراءات مشددة، منها:

  • رفع الحد الأدنى المطلوب للاستثمار من مليون إلى 10 ملايين يوان، ما يحد من التداول على المستثمرين ذوي الخبرة فقط.
  • وضع سقف لعدد الإصدارات الجديدة للمنتجات المشتقة.
  • حظر إصدار المذكرات الهيكلية غير المحمية برأس المال، والتي تشمل مشتقات كرة الثلج.

كما فرضت رابطة أوراق المال الصينية ضوابط صارمة على البنوك لإصدار هذه المنتجات ضمن معايير أكثر رقابة وحذرًا.

يبقى الإقبال على مشتقات كرة الثلج في صعود مستمر، مبرهنًا على بحث المستثمرين عن عوائد تفوق التقليدية، وثقتهم في استقرار السوق المحلي بدعم الجهات الحكومية، رغم التحذيرات من المخاطر الكامنة التي قد تنعكس على الاستقرار المالي في أية لحظة. إذ تقدم هذه المنتجات شعورًا زائفًا بالأمان عن طريق توزيع العوائد الدورية، لكنها قد تتحول إلى قنبلة مالية موقوتة تنتظر ظرفًا مناسبًا للتفجير، ما يطرح تساؤلات جدية حول استدامتها في الأسواق المستقبلية.

كاتب لدي موقع عرب سبورت في القسم الرياضي أهتم بكل ما يخص الرياضة وأكتب أحيانا في قسم الأخبار المنوعة