حقائق صادمة.. الباراسيتامول وعلاقته بمرض التوحد تكشف أسرارًا جديدة تؤثر على الصحة النفسية
يُعد استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل قضية حساسة تستدعي اهتمامًا كبيرًا نظرًا لما رُبط به من احتمالية علاقة بمرض التوحد، إذ خرجت تحذيرات جديدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية حول ذلك، مما أثار جدلاً واسعًا على مستوى العالم.
دراسات علمية متباينة حول الباراسيتامول والتوحد
تعتبر العلاقة بين الباراسيتامول والتوحد موضوعًا لم يُحسم بعد، فالأبحاث العلمية التي تناولت هذا الجانب متضاربة وغير حاسمة حتى الآن؛ ففي عام 2008 أظهرت دراسة زيادة محتملة في خطر الإصابة بالتوحد لدى الرُضّع الذين استُخدم لديهم الباراسيتامول في سن بين 12 و18 شهرًا، مع تحذير الباحثين من أن النتائج بحاجة لمزيد من التحقيق. أما عام 2019، فقد كشف باحثون في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة عن ارتباط محتمل بين التعرض للباراسيتامول قبل الولادة وظهور أعراض التوحد، إلا أنهم أكدوا أن إثبات علاقة سببية قاطعة صعب من خلال بيانات الدراسات الرصدية.
التقييم الحديث للباراسيتامول وتأثيره على مرض التوحد
انطلقت دراسة واسعة عام 2024 بمراجعة سجلات 2.5 مليون طفل من السويد، حيث تمت مقارنة خطر الإصابة بالتوحد بين الأطفال الذين تناولت أمهاتهم الباراسيتامول أثناء الحمل وأشقائهم الذين لم يتناولوا الدواء، وخلصت هذه الدراسة إلى عدم وجود زيادة ملحوظة في خطر التوحد، وهذا نظرًا لأخذها بالاعتبار العوامل الوراثية والبيئية التي تميز كل عائلة، مما يجعل نتائجها أكثر موثوقية مقارنة بالأبحاث السابقة.
موقف الجهات الصحية العالمية من الباراسيتامول والتوحد
في ظل الجدل الدائر، نفت معظم الجهات الصحية العالمية، وخاصة في بريطانيا، وجود دليل قوي يثبت أن الباراسيتامول يزيد من خطر الإصابة بالتوحد، بل وأكدت أن تناول هذا المسكن يُعدّ من أكثر الخيارات أمانًا للنساء الحوامل، نظرًا لتوافره بشكل تجاري واعتماده كمسكن آمن على نطاق واسع؛ ويرجع ذلك إلى الطبيعة المعقدة لتطور التوحد والتي تعود إلى أسباب متعددة لا يمكن حصرها في استخدام دواء واحد فقط.
السنة | نوع الدراسة | النتيجة الرئيسية | ملاحظات |
---|---|---|---|
2008 | دراسة على الرضع | زيادة محتملة في خطر التوحد | النتائج غير حاسمة وتحتاج لتحقق |
2019 | دراسة رصدية قبل الولادة | ارتباط محتمل بين الباراسيتامول والتوحد | صعوبة إثبات العلية من البيانات |
2024 | دراسة شاملة استعراضية | عدم زيادة خطر التوحد | أخذ العوامل الوراثية والبيئية في الاعتبار |
يُعرف الباراسيتامول، أو الأسيتامينوفين، كأحد أكثر مسكنات الألم انتشارًا خلال فترة الحمل، وهو الدواء المفضل في الكثير من الدول مثل أوروبا وأستراليا والهند، بينما يُستخدم تحت اسم تايلينول في الولايات المتحدة، ويعتمد عليه نصف النساء الحوامل حول العالم لتخفيف الألم والحمى. ومع تحذيرات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بإضافة ملصق تحذيري حول احتمالية ارتباطه بالتوحد، لا تزال الأبحاث متواصلة، والآراء متباينة بين المتخصصين الذين يحذّرون من الاستنتاجات المبكرة. في الواقع، يعاني الأشخاص المصابون بالتوحد من تحديات في التفاعل الاجتماعي والتواصل، وقد شهدت بعض الدول زيادة في معدلات التشخيص خلال العقود القليلة الماضية، لكن الأسباب تظل غير واضحة ومتشعبة.
التركيز على دور الباراسيتامول في هذا السياق يثير تساؤلات عن مدى دقة وموثوقية البيانات المتاحة؛ هذا ما دفع الخبراء إلى نفي الادعاءات المبنية على استنتاجات غير كافية حتى الآن، مؤكدين أن الباراسيتامول يظل الخيار الأكثر أمانًا للأم والجنين، مع ضرورة متابعة التطورات العلمية باستمرار للحفاظ على صحة الأمهات وأطفالهن.
في ضوء ما سبق، يبقى الباراسيتامول من المسكنات المعتمدة على نطاق واسع أثناء الحمل، ويُفضل تناوله بحذر وتحت إشراف طبي لأن صحة الجنين والأم تتطلب الحرص في اختيار الدواء الأنسب.