تحديات غير مسبوقة.. الزراعة المصرية تواجه عاصفة مثالية وتلجأ للتكنولوجيا كضرورة حتمية

تواجه الزراعة المصرية تحديات معقدة تستدعي تبني التقدم التكنولوجي كضرورة حتمية لضمان استدامتها وتحقيق الأمن الغذائي، فالتوسع التقليدي بات يهدد الموارد وينذر بتفاقم الفجوات الغذائية في ظل الضغوط المتزايدة على المياه والتغيرات المناخية المتلاحقة.

أبعاد التحديات التي تهدد مستقبل الزراعة المصرية والتكنولوجيا كحل أساسي

تشكل الزراعة المصرية جزءًا حيويًا من الاقتصاد الوطني، حيث تمثل نحو 11% من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف حوالي 20% من القوى العاملة، لكنها تواجه تحديات ضخمة تمتد من الزيادة السكانية المتسارعة إلى ندرة الموارد المائية، فضلًا عن تأثيرات سد النهضة والتغيرات المناخية التي تزيد من استهلاك المياه بما يقرب من 4.9 مليار متر مكعب. ومع توقع ارتفاع عدد السكان إلى 156 مليون نسمة بحلول 2050، تزداد الضغوط على قطاع الزراعة الذي لا يستطيع الاعتماد على الأساليب التقليدية لضمان إنتاجيته، ما يجعل التقدم التكنولوجي ضرورة حتمية لتفادي تدهور الموارد وإشباع احتياجات الغذاء المتنامية.

دور التكنولوجيا الزراعية في رفع الإنتاجية وترشيد استهلاك الموارد المائية

يبرز التقدم التكنولوجي كالمخرج الوحيد لتعزيز كفاءة الزراعة المصرية، إذ أثبتت التجارب التي اعتمدت على الزراعة الذكية زيادة ملحوظة في الإنتاجية مع تخفيض الاستهلاك المائي، خصوصًا في محاصيل استراتيجية كالقمح، حيث ارتفع متوسط الإنتاج من 1.2 طن للفدان في الستينيات إلى 2.7 طن اليوم. كان يمكن لتحقيق نفس إنتاج المحصول السنوي استخدام 7.5 مليون فدان وما يزيد عن 16 مليار متر مكعب من المياه، لكن التكنولوجيا الحالية حدت من المساحات المستغلة إلى 3.3 مليون فدان فقط مع توفير 8.9 مليار متر مكعب من المياه سنويًا. بالإضافة إلى ذلك، أدى تغيير سلالات الأبقار المحلية بالسلالات عالية الإنتاج إلى توفير كبير في الأعلاف ومصادر المياه المستخدمة في إنتاج الألبان، مما يعكس مدى أهمية التكنولوجيا الزراعية في تحقيق كفاءة عالية.

الإطار المؤسسي ودوره في نشر التكنولوجيا الزراعية بين صغار المزارعين

تؤكد الدراسات أن ضمان وصول التكنولوجيا الحديثة إلى صغار المزارعين يتطلب تفعيل دور التعاونيات الزراعية، التي تمثل العمود الفقري للزراعة في مصر، حيث يمكنها توفير التدريب، وتسهيل الشراء الجماعي، وتقديم التمويل، وربط المزارعين بأسواق التصدير. النموذج الهندي لتعاونية «أمول» يوضح كيف يمكن لهذا الإطار أن يدعم المزارعين بشكل فعّال. وينبغي كذلك أن تدعم السياسات الاستثمار في البحث العلمي والإرشاد الزراعي بما لا يقل عن 1% من الناتج المحلي الزراعي، إلى جانب تخصيص نسبة ملحوظة من الاستثمار العام لضمان توفير الموارد اللازمة لتعزيز التبني التقني. كما يتطلب الأمر تحديث القوانين المنظمة لتمكين التعاونيات من أداء دورها الفعلي، مع التركيز على التنمية الرأسية واستغلال الأراضي الحالية بدلاً من التوسع الأفقي المفرط.

المؤشر الوضع الحالي بعد تبني التكنولوجيا
متوسط إنتاج القمح للفدان (طن) 1.2 (الستينيات) 2.7 (حاليًا)
المساحات الزراعية المطلوبة لإنتاج القمح (مليون فدان) 7.5 3.3
استهلاك المياه لمحصول القمح (مليار م³) 16.2 7.3
عدد رؤوس الأبقار لإنتاج 3.8 مليون طن لبن (مليون رأس) 4.2 (سلالات بلدية) 1.2 (سلالات خليط)

من خلال تطوير هذا النهج التكنولوجي، تستطيع الزراعة المصرية مواجهة العاصفة المثالية التي تتشكل من تزايد السكان، والتغيرات المناخية، والضغوط المائية، بينما تضمن تحسين الإنتاجية وترشيد الموارد في آن واحد. هذا التحول لا يمهد فقط لمستقبل أكثر استدامة، بل يحمي كذلك الأمن الغذائي ويعزز من الكفاءة الاقتصادية لقطاع الزراعة في ظل المتغيرات المائية والبيئية المتصاعدة.

صحفي يغطي مجالات الرياضة والثقافة، معروف بمتابعته الدقيقة للأحداث الرياضية وتحليلاته المتعمقة، بالإضافة إلى اهتمامه بالجانب الإنساني في القصص الثقافية والفنية.