لقاء فريد.. فنانون ومفكرون يناقشون سيرة الصحراء في عُمان بتفاصيل استثنائية

تُعد سلطنة عُمان الوجهة الأولى عالميًّا من حيث عدد النيازك المكتشفة، حيث تمثل نسبة النيازك الموجودة فيها نحو 6.4% من إجمالي النيازك الموثقة في العالم، وفقًا لإحصائيات الجمعية العالمية لعلوم النيازك والفضاء، ويُعزى ذلك إلى التكوينات الرسوبية للحجر الجيري المنتشرة في الصحاري وغياب التضاريس الوعرة، مما يساعد النيازك على البقاء في مواقعها لفترات طويلة تمتد لعشرات الآلاف من السنين.

كيف تسهم التكوينات الرسوبية في بقاء النيازك في سلطنة عُمان لفترات طويلة

تلعب التكوينات الرسوبية للحجر الجيري في صحراء عُمان دورًا حيويًا في الحفاظ على النيازك الأصلية؛ إذ تمنح هذه التكوينات سطحًا مستقرًا وخاليًا من التضاريس الوعرة، وهو ما يقلل من تآكل النيازك أو تحركها من أماكنها، وبالتالي يزيد من فرص اكتشافها سليمة بعد آلاف السنين، ويُعد هذا العامل الأساسي وراء احتلال عُمان المرتبة الأولى عالميًا في هذا المجال؛ إذ تتنوع المواقع الصحراوية في السلطنة بين سهول مكشوفة وكثبان رملية تكتم النيازك وصولًا قِدم تكونها، مما يهيئ البيئة المناسبة لعدم تدهور هذه القطع الفضائية.

دور الصحراء العُمانية في طرق التجارة القديمة ورواج الاستيطان البشري

يُبرز الباحث خالد أحمد دغلس من قسم الآثار بجامعة السلطان قابوس أهمية الصحراء العُمانية كجزء لا يتجزأ من إرث التجارة القديمة، حيث أثبتت المكتشفات أن الإنسان استوطن هذه المنطقة منذ العصور الحجرية، واستخدمها كنقاط توقف رئيسية على درب القوافل، وخصوصًا طريق اللبان التاريخي الذي شكّل ممراً تجارياً مهمًا بين الحضارات، كما تعكس الواحات والنقوش الصخرية الطابع الاقتصادي والثقافي للمنطقة بشكل واضح، ما يؤكد ضرورة الاستفادة من أحدث التقنيات لتعزيز البحث والتنقيب الأثري لتسليط المزيد من الضوء على هذا الجانب الحيوي.

تجسيد الهوية الثقافية وعناصر التماسك في البيئة الصحراوية العُمانية

تُبرز الدكتورة حنان بنت محمود أحمد، مديرة دائرة المعارض الوثائقية بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، جانبًا آخر من أهمية البيئة الصحراوية العُمانية من خلال دراستها التحليلية للهوية الثقافية، حيث تؤكد أن التوثيق الثقافي في الصحراء لم ينل الاهتمام الكافي، ما دفعها إلى الاعتماد على مصادر وثائقية واستبيانات ميدانية لاستكشاف أبعاد الهوية الصحراوية، التي تتمتع بقوة تماسك واضحة رغم كافة تحديات الحداثة، ويُظهر تحليلها أن المجتمعات في هذه الصحاري تحافظ على هويتها عبر آليات اجتماعية وتاريخية راسخة، مما يعكس عمق ارتباط الإنسان العُماني بالبيئة التي يعيش فيها.