وزيرة التخطيط تكشف .. السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تجمع استراتيجيات ورؤى متعددة لتحقيق التنمية الشاملة

السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تمثل إطارًا شاملًا يجمع مختلف الاستراتيجيات والرؤى بهدف تعزيز النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر، حيث تهدف هذه السردية إلى ترجمة السياسات الداعمة عبر منظومة متكاملة تحقق استقرار الاقتصاد الكلي وتحفز القطاعات الإنتاجية بما يسهم في تنمية مستدامة ومتوازنة.

السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية ودورها في تحقيق التكامل بين الاستراتيجيات الوطنية

بدأت جهود إعداد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية منذ أكتوبر 2024، لتشكل مظلة شاملة تدمج بين رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة، إضافة إلى استراتيجيات قطاعية متعددة مثل الاستثمار الأجنبي المباشر، التنمية الصناعية، التشغيل وريادة الأعمال، وهو ما يعكس حرص الدولة على تجميع الرؤى المختلفة في إطار واحد متكامل. وتعتمد السردية على مرجعية مؤسسية هامة تتمثل في قانون المالية العامة الموحد وقانون التخطيط الموحد، اللذين يلزمان بإعداد خطة تنمية اقتصادية واجتماعية متوسطة المدى للموازنة بدءًا من العام المالي 2026/2027 ولمدة ثلاث سنوات، ما يعزز من توحيد الجهود الرسمية ويربط التخطيط السياسي والاقتصادي برؤية واضحة ومستندة إلى مؤشرات أداء محددة، وكذلك بربط الخطط القطاعية بالاقتصاد الكلي. ومن خلال الدمج بين وزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تم تحقيق تكامل أكبر بين ملفات التمويلات الخارجية واستثمارات الدولة.

أهمية السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية كأداة للإصلاح الاقتصادي والترويج للاستثمار

تعتبر السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية برنامج إصلاح اقتصادي متكامل، يركز على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تحقق استقرار الاقتصاد الكلي وتعزز القطاعات ذات الإنتاجية العالية، مثل الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة والاتصالات والزراعة والتجارة. كما تعكس السردية توجهات الدولة نحو تنويع الاقتصاد وإضافة قيمة مضافة للمنتجات المصرية، مستفيدةً من مؤشر آفاق التعقيد الاقتصادي الذي يعكس تقدم مصر في تصنيف 145 دولة، بالإضافة إلى مؤشر التعقيد الأخضر الذي يبرز إمكانيات مصر في القطاعات الخضراء ذات الإنتاجية العالية. وتعمل السردية على تعزيز مشاركة القطاع الخاص كعنصر أساسي في التنمية، من خلال عرض بدائل تمويلية متنوعة وترويج فرص الاستثمار في القطاعات الواعدة، إضافة إلى تسليط الضوء على أهمية حوكمة الاستثمارات العامة التي ساعدت في زيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى 62.8% خلال الربع الثالث من العام المالي الماضي، مقارنة بانكماش الاستثمارات العامة.

ركائز السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية وآليات تنفيذها

تنبني السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية على ثلاث ركائز رئيسية؛ الأولى تتعلق باستقرار الاقتصاد الكلي عبر السياسات المالية والنقدية وحوكمة الاستثمارات العامة، سواء من خلال تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية أو إعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص عن طريق تحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار. وتعتمد هذه الرؤية على الانتقال التدريجي من دور الدولة التشغيلي إلى الدور التنظيمي والشريك الاستثماري، مع الالتزام بوثيقة سياسة ملكية الدولة التي تحدد طبيعة تدخل الدولة في القطاعات الاستراتيجية ومناطق الشراكة مع القطاع الخاص. الركيزة الثانية تتمثل في تعزيز التنسيق بين الجهات المسؤولة مثل وحدة الشركات المملوكة للدولة، الصندوق السيادي، ووحدة الطروحات الحكومية. أما الركيزة الثالثة فهي التحول نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري، حيث أظهرت الدراسات أن الصناعات التحويلية تمتلك أعلى مضاعف تشغيل يليها قطاع الخدمات، ما يوجه الجهود نحو تبني نموذج اقتصادي أكثر إنتاجية. وتدعم هذه الركائز نجاحات ملموسة في توفير التمويلات الميسرة من خلال تعاون دولي، حيث بلغ حجم التمويلات الخارجية نحو 16 مليار دولار منذ 2020، منها ضمانات استثمارية ضخمة مع الاتحاد الأوروبي، ما عزز مكانة مصر كمنصة إقليمية للتمويل والتنمية.

الركيزة الوصف الجهات الرئيسية المعنية
استقرار الاقتصاد الكلي سياسات مالية ونقدية، حوكمة الاستثمارات، تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وزارة التخطيط، وزارة المالية، البنوك المركزية
تمكين الدولة والقطاع الخاص إعادة تعريف دور الدولة ودعم بيئة الأعمال والاستثمار وحدة الشركات الحكومية، الصندوق السيادي، وحدة الطروحات
التحول نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري تركيز على قطاعات الصناعات التحويلية والخدمات وزارة الصناعة والتجارة، القطاع الخاص

تشدد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية على أهمية الاستفادة من البنية التحتية المتطورة التي تدعم التصنيع والتجارة، بهدف بناء اقتصاد ديناميكي قادر على مواجهة الصدمات الخارجية، متجسدًا في سياسات تعزز القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. كما تتضمن إعداد مستهدفات كمية قابلة للقياس بحلول 2030، تنفذها 25 جهة وطنية في إطار برنامج وطني للإصلاحات الهيكلية. وتسعى السردية إلى خلق اقتصاد متكامل يدعم الإنتاجية، يرتكز على الاستثمارات وينشط مشاركة القطاع الخاص عبر توسيع قاعدة التصدير وخلق فرص عمل حقيقية، مستفيدة من إدراك أن معدلات النمو ليست الهدف النهائي وإنما جودة أركان الاقتصاد ونمو القطاعات المتنوعة هو الأساس. ولا يغيب عن الحسبان أهمية تضمين سياسات الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية ضمن إطار التنمية الاقتصادية، لمواجهة تحديات متغيرة في بيئة عالمية تتسم بعدم اليقين، حيث وضع المخططون ثلاثة سيناريوهات للمرحلة المقبلة تشمل الإصلاح المتسارع والسيناريو المتحفظ. وتستمر جلسات الحوار المجتمعي لإثراء السردية بأفكار وتوصيات من مختلف المتخصصين قبل إصدار النسخة النهائية التي ستضم مخرجات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية لعام 2025 لتكتمل صورة التنمية الاقتصادية في مصر.

صحفي يغطي مجالات الرياضة والثقافة، معروف بمتابعته الدقيقة للأحداث الرياضية وتحليلاته المتعمقة، بالإضافة إلى اهتمامه بالجانب الإنساني في القصص الثقافية والفنية.