انهيار غير مسبوق .. الريال الإيراني يتجاوز 106 آلاف للدولار مع عودة العقوبات المشددة

تجاوز سعر صرف الدولار الواحد حاجز 106 آلاف تومان في سوق طهران، في ظل استمرار تراجع قيمة الريال الإيراني أمام العملات الأجنبية الأخرى وسط تصاعد الضغوط الاقتصادية التي فرضتها إعادة تفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات الأممية ضد إيران.

تراجع قيمة الريال الإيراني وتأثيره على أسعار العملات الأجنبية

شهدت سوق الصرف الإيرانية انخفاضًا متسارعًا في قيمة الريال مع تجاوز سعر الدولار حاجز 106 آلاف تومان، وفقًا لتقارير نشطاء السوق في طهران. هذا الانخفاض يعكس أزمة اقتصادية عميقة تتزامن مع إعلان الدول الأوروبية فشل أي اتفاق نووي وتفعيل آلية الزناد اعتبارًا من 27 سبتمبر؛ حيث كان سعر الدولار حينها يقارب 97 ألف تومان فقط. إلى جانب الدولار، ارتفعت أسعار العملات الأخرى بشكل ملحوظ، حيث بلغ سعر اليورو 123 ألفًا و200 تومان، والجنيه الإسترليني 141 ألفًا و200 تومان، والدرهم الإماراتي 28 ألفًا و490 تومان، والليرة التركية 2580 تومان، واليوان الصيني 14 ألفًا و720 تومان، والدولار الكندي 75 ألفًا و900 تومان، ما يوضح مدى الضغط المستمر على العملة الوطنية.

ارتفاع حاد في أسعار الذهب وسوق المعادن الثمينة في إيران

واصلت أسعار الذهب ارتفاعها الحاد مع ارتفاع مستمر في أسعار سبائك الذهب وعياراته حسب سوق الذهب الإيرانية، حيث سجل غرام الذهب عيار 18 نحو 9 ملايين و453 ألف تومان، بما يعادل نحو 90 دولارًا. تجاوز سعر سبيكة “إمام” 100 مليون و400 ألف تومان (948 دولارًا)، وسبيكة “بهار أزادي” بلغت 95 مليونًا و200 ألف تومان (898 دولارًا). وسجلت نصف سبيكة الذهب 53 مليونًا و200 ألف تومان، وربع السبيكة 32 مليونًا و200 ألف تومان تقريبًا، ما يؤكد ارتفاع تكاليف المعادن الثمينة ضمن السوق المحلية في ظل تقلبات اقتصادية حادة.

تداعيات آلية الزناد على الاقتصاد والتجارة الإيرانية

تشير نماذج محاكاة غرفة التجارة الإيرانية إلى أن تفعيل آلية الزناد، مع إعادة فرض العقوبات الأممية، سيؤدي إلى انخفاض حاد في حجم التجارة الخارجية من 94 مليار دولار إلى ما بين 70 و85 مليار دولار، في حين ستنخفض الصادرات غير النفطية من 47 مليار دولار إلى 35 مليارًا على الأقل. هذا التراجع سيؤدي إلى إلغاء العديد من العقود الدولية وارتفاع كلفة المشاريع بنسبة تصل إلى 40%، مما يهدد إغلاق آلاف الشركات التي تعتمد على استيراد المواد الأولية. كما أن العقوبات ستجعل التعاون مع شركات الشحن والتأمين والموانئ الدولية شبه مستحيل، مما يضاعف المخاطر التي تواجهها التجارة الإيرانية بريًا وبحريًا وجويًا، كما أن الضغوط المالية المتزايدة ستثقل كاهل المستهلكين والمنتجين على حد سواء.

• انخفاض مبيعات السلع الأساسية وقطع الغيار الصناعية نتيجة تقلبات أسعار الصرف
• اشتراط بعض البائعين الدفع النقدي واليومي بسبب عدم الاستقرار المالي
• ارتفاع أسعار السيارات المصنعة محليًا إلى مستويات خارج متناول الطبقة الوسطى
• ضغط متزايد على المواطنين محدودي الدخل مع تراجع القدرة الشرائية

تأتي هذه التطورات وسط تحذيرات من الاقتصاديين بأن العجز الكبير في ميزانية الحكومة ونمو السيولة النقدية يسرّع من وتيرة انهيار قيمة العملة المحلية، مع توقع زيادة حادة في معدلات التضخم. كما أن عودة العقوبات ستعيق وصول الأصول المالية الإيرانية في الخارج، مما يضطر الحكومة إلى العمليات السرية لبيع النفط، وهو ما يعقد الأوضاع الاقتصادية ويزيد الأعباء المالية.

وسط هذا التصعيد الاقتصادي، أشار رئيس اتحاد منتجي البقوليات إلى تأثير العقوبات على أسعار البقوليات التي شهدت ارتفاعًا بين 50% إلى 100% خلال الأشهر الماضية، مما يعكس الضغوط المتزايدة على السلع الأساسية. كما حذرت الصحف المحلية من تصاعد الضغوط على شركات صناعة السيارات، بعدما أصبحت أسعار السيارات المحلية مرتفعة للغاية مقارنة بدخل الأسر، مما يقلص فرص الشراء المباشر ويضعف الاقتصاد الداخلي بشكل أكبر. التقرير الصادر عن مجلة “Maritime Executive” أضاف أن القطاع البحري الإيراني سيواجه قيودًا مضاعفة تؤثر في أسطول الشحن التجاري وناقلات النفط، مشيرًا إلى أن العقوبات الجديدة ستكون أكثر صرامة من سابقاتها.

تتواصل رحلة الريال الإيراني في الانخفاض، بينما ترتفع أسعار الذهب والعملات الأجنبية إلى مستويات غير مسبوقة؛ وهذا يعكس واقعًا اقتصاديًا صعبًا يفرض تحديات كبيرة على الاستقرار المالي للمواطنين وقطاع الأعمال، ويفتح المجال أمام ضغوط معيشية متزايدة تواجه الجوانب كافة من الحياة الاقتصادية في إيران.