تحول جذري.. حاكم «المركزي السوري» يكشف عن خطة نقدية جديدة لتعزيز النمو الاقتصادي
بدأ مصرف سوريا المركزي سياسات نقدية جديدة تستهدف تحقيق استقرار الأسعار والحفاظ على قيمة العملة مع دعم النمو الاقتصادي، رغم التحديات الكبيرة مثل ارتفاع معدلات التضخم وتوسع الاقتصاد غير الرسمي، التي تجعل تطبيق هذه السياسات أمراً معقداً وينبغي تطوير أدوات فعالة لمواجهتها.
أهداف السياسات النقدية لاستقرار الأسعار ودعم الاقتصاد السوري
تسعى السياسة النقدية الحالية في سوريا إلى تحقيق توازن بين استقرار الأسعار وحماية قيمة العملة المحلية، مع خلق بيئة مالية داعمة للنمو الاقتصادي، وذلك عبر إدارة عرض النقود ومعدلات الفائدة بشكل مدروس يحدّ من الضغوط التضخمية. وتشمل الجهود تحسين قدرة المصارف على تمويل القطاعات الإنتاجية بضوابط صحيحة، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة المالية لتوجيه الإنفاق والاستثمار بما يخدم مشروعات نمو ذات أثر كبير. كما يحظى تعزيز الشفافية وجمع البيانات الاقتصادية الدقيقة بأهمية قصوى؛ إذ تعتمد السياسات على بيانات حقيقية لضبط السوق بدقة وحسم. تمثّل أزمة السيولة وانخفاض الثقة العامة في القطاع المصرفي اللبناني السبب الرئيسي لنقص التمويل الحالي، ما دفع «المصرف المركزي» إلى تبني رؤية واضحة لإعادة القطاع المصرفي للعب دوره الوسيط بين الأفراد وقطاع الأعمال، عبر تحريك فوائض المدخرات وتوفير التمويل المطلوب للنمو الاقتصادي.
دوافع إصدار العملة السورية الجديدة وتأثيرها على استقرار الأسعار
اتخذ «المصرف المركزي» قرار طرح عملة محلية جديدة تزيل أصفاراً من الأوراق النقدية بهدف تبسيط التعاملات اليومية وجعل الحسابات المالية أكثر سهولة، فضلاً عن استعادة ثقة الجمهور بالعملة الوطنية. وتعد هذه الخطوة جزءاً من إصلاحات نقدية أوسع تشمل تحديث الأنظمة المصرفية وحملات توعية وإجراءات فنية للمصارف لتقليل المخاطر التشغيلية. طرح العملة الجديدة يسعى أيضاً إلى الحد من التدفقات النقدية الكبيرة غير الرسمية التي تعوق مراقبة السيولة بشكل دقيق، بما يعود بالنفع على استقرار الأسعار ويعزز السيطرة على التضخم. جرى بدء طرح طلبات عروض لطباعة الأوراق الجديدة، ويُتوقع إتمام الطباعة خلال نحو ثلاثة أشهر بالتعاون مع شركات طباعة عالمية تتمتع بخبرة واهتمام كبيرين.
التضخم وأسعار الصرف ودور المصرف المركزي في استقرار الاقتصاد
يواجه «مصرف سوريا المركزي» تحديات مع تضخم مرتفع يتم التعامل معها عبر أدوات متعددة مثل ضبط عرض النقد، وتنظيم الاحتياطيات لدى البنوك، والتعاون مع وزارة المالية لضبط الإنفاق والعجز المالي. تم اتخاذ إجراءات رقابية لمنع الاحتكار الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، كما يعمل المصرف على تحسين أنظمة جمع البيانات والمؤشرات الخاصة بالتضخم لضمان سياسات استباقية وفعالة. شهد التضخم السنوي تراجعاً ملحوظاً بعد تغيير القيادة السياسية، حيث انخفض من أكثر من 109% إلى حوالي 15.2% في فبراير 2025، ويرجع ذلك إلى تحسن سعر الصرف وزيادة المعروض من السلع. يعمد المصرف أيضاً إلى إدارة احتياطيات النقد الأجنبي وتنظيم سوق الصرف بهدف تقليل الفجوة بين السوق الرسمية وغير الرسمية، مع تشجيع تدفق العملات الأجنبية عبر قنوات رسمية وتعزيز التعاون التجاري الإقليمي. تحسّن سعر الليرة السورية مقابل الدولار يعبّر عن بعض الاستقرار بعد سنوات من الانخفاض الحاد الذي تعرضت له منذ اندلاع الحرب.
تحديات وآفاق القطاع المصرفي السوري في ظل السياسات النقدية الحديثة
يتأرجح القطاع المصرفي السوري بين أزمات سيولة وتمويل، متأثراً بشكل واضح بالتداخلات الاقتصادية مع القطاع البنكي اللبناني والتزاماته المالية، والتي تتجاوز 1.6 مليار دولار، ما يعكس مخاطر كبيرة على الاقتصاد المحلي. لتعزيز القطاع، يسعى «المصرف المركزي» إلى رفع معايير الحوكمة والشفافية، إلى جانب تحسين الملاءة المالية عبر زيادة رأس المال بالتدريج، مع دعم كبير للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتنويع الخدمات الإلكترونية التي توسع من الشمول المالي. تشمل الخطط تطوير الأطر الرقابية وتشريعات القطاع المصرفي بما يتوافق مع المعايير الدولية؛ ذلك عبر تحديث البنية التحتية لأنظمة الدفع الإلكتروني، وتشجيع حلول الدفع عبر الهاتف المحمول، وتفعيل أطر تنظيمية توازن بين الابتكار وحماية المستهلك.
تأثير العوامل الدولية وجهود تعزيز التعاون الإقليمي ودعم التحويلات المالية
تؤثر القيود الدولية، تقلبات أسعار الطاقة، والتوترات الجيوسياسية بشكل مباشر في الاقتصاد السوري، مما يحد من قدرة النظام المالي على التفاعل مع الأسواق الخارجية ويؤثر على الاستيراد والاستثمار. مع ذلك، فتحت إعادة الانخراط الإقليمي مسارات جديدة للتعاون والاستثمار، والتي قد تساهم في تخفيف الأعباء تدريجياً عند تنفيذ إصلاحات طويلة الأمد. أحد مصادر العملة الصعبة المهمة هو تحويلات المغتربين التي تلعب دوراً أساسياً في استقرار سعر الصرف وتعزيز السيولة؛ حيث تعد هذه التحويلات المتفاوتة الحجم مكوناً رئيسياً في دعم الاقتصاد إذا ما اتخذت عبر القنوات الرسمية. يسعى «المصرف المركزي» لتسهيل وتفعيل هذه القنوات بهدف توجيه التدفقات بشكل يحقق أكبر أثر اقتصادي.
برامج تمويل وتشجيع الاستثمار لتحفيز الانتعاش الاقتصادي
يدعم «مصرف سوريا المركزي» تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر برامج ميسرة تركز على القطاعات الحيوية مثل الزراعة، إعادة الإعمار، والطاقة، مع تطوير شراكات بين القطاعين العام والخاص لزيادة فرص التنمية. يسعى إلى تبسيط إجراءات الاقتراض وتحسين الوصول إلى التمويل مع اعتماد معايير ائتمانية مرنة تضمن الاستدامة وتقليل المخاطر. من أجل جذب الاستثمار الأجنبي، يعمل المصرف مع الجهات المختصة على تعزيز بيئة أعمال مستقرة وشفافة من حيث القوانين والضرائب، مع ضمان حماية حقوق المستثمر وتسهيل الإجراءات الإدارية والجمركية، ويضع التعاون الدولي والإقليمي، بالإضافة إلى آليات فض المنازعات، في صلب استراتيجيته لجذب رؤوس الأموال.
الرؤية الاستراتيجية المقبلة لمصرف سوريا المركزي ودوره في إعادة الإعمار
تتمحور أهداف «المصرف المركزي» المقبلة حول استعادة الاستقرار النقدي، التحكم في التضخم، وبناء ثقة جديدة للنظام المصرفي مع المجتمع. كما يسعى إلى دعم الانتعاش الاقتصادي عبر توفير قنوات ائتمانية للقطاعات الإنتاجية، وتحديث البنية التحتية لأنظمة الدفع والرقمنة، وتحسين جودة البيانات الاقتصادية لدعم صنع القرار المالي بدقة. يلعب «المصرف» دوراً محورياً في تمويل إعادة الإعمار من خلال التنسيق مع الحكومة والمؤسسات الدولية، وإدارة الإجراءات المتعلقة بالمخاطر المالية والاجتماعية، مع توفير خدمات مصرفية فعالة تدعم تحريك الاستثمارات؛ بالإضافة إلى المشاركة في برامج تمويل مشتركة تسعى إلى تخفيض تكلفة التمويل وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة الفاعلة.
تعزيز التعاون المالي والمصرفي بين سوريا والسعودية
في إطار التعاون الثنائي، أشار حاكم «مصرف سوريا المركزي» إلى لقاءات مكثفة مع المؤسسات المالية السعودية، بهدف تطوير آليات الدفع والتسوية وتعزيز التعاون المصرفي بين البلدين، مع فتح قنوات تمويل ومبادلات تجارية، وإطلاق إمكانية إنشاء مصارف سورية بمشاركة سعودية. تشمل الخطة فتح حسابات مراسلة للمصارف السورية في السعودية لدعم التبادلات المالية، وهو ما يعكس رغبة الطرفين بتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والدعم المالي في سياق إعادة الإعمار والتنمية.
البند | التحدي الحالي | الحلول المقترحة |
---|---|---|
التضخم | ارتفاع متذبذب | ضبط عرض النقد والسيطرة على الأسعار |
السيولة المصرفية | نقص حاد بسبب الأزمة اللبنانية | رفع رأس المال وتعزيز الثقة والتمويل |
سعر الصرف | فجوة كبيرة بين السوق الرسمي وغير الرسمي | تنظيم السوق وفتح قنوات التحويل الرسمية |
التحويلات الخارجية | تفاوت في حجمها وإدارتها | تيسير القنوات الرسمية وتحفيزها |
الاستثمار | بيئة أعمال غير مستقرة | تحسين التشريعات وحماية المستثمر |