تحديات غير متوقعة.. لماذا تتحدى أسعار العقارات في مصر ارتفاع الجنيه وتراجع الفائدة بشكل مذهل؟
تواصل أسعار العقارات في مصر الارتفاع عند مستويات قياسية رغم تراجع أسعار الفائدة وتحسن سعر صرف الجنيه، إضافة إلى انخفاض أسعار مواد البناء، مما يثير تساؤلات حول أسباب استقرار أسعار الوحدات العقارية عند معدلات مرتفعة. هذا التمسك يعكس تعقيدات عدة تتجاوز مجرد تكلفة المدخلات إلى عوامل مالية وتنظيمية مؤثرة.
توازن السوق وتأثير الرسوم على أسعار العقارات في مصر
يربط خبراء التطوير العقاري ضرورة الحفاظ على مستويات الأسعار الحالية بتوازن السوق بين أطرافه المختلفين؛ حيث لا يمكن للشركات تقليل الأسعار بشكل حاد حتى لا يتضرر المشترون السابقون الذين دفعوا مبالغ أعلى، في حين تسعى لجذب عملاء جدد يحافظون على قيمة أموالهم من خلال الاستثمار العقاري. تضاف إلى ذلك الأعباء المتعددة، إذ تشمل التكاليف الكلية أكثر من 3270 نوعاً من الرسوم الحكومية، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأراضي الذي يرتفع بشكل ملحوظ، مما يجعل من الصعب على المطورين نقل تخفيضات أسعار مواد البناء إلى المستهلك النهائي.
أسباب ثبات أسعار العقارات رغم تحسن سعر الصرف وتراجع مواد البناء
قبل مارس 2024، اعتمدت الشركات في تسعير العقارات على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، الذي وصل إلى نحو 70 جنيهاً، مما رفع التكاليف بشكل كبير؛ ورغم تحسن سعر الصرف إلى قرابة 48 جنيهاً بعد تحريره، لم تنخفض الأسعار الفعلية للعقارات، التي ظلّت مستقرة عند مستويات مرتفعة. أما بالنسبة لمواد البناء، فقد شهدت أسعار طن الحديد تراجعاً بنحو 33.3% إلى 40 ألف جنيه، والأسمنت تراجع بنسبة 20% ليصل إلى نحو 4000 جنيه للطن، ولكن هذه الانخفاضات لم تنعكس بوضوح على الأسعار النهائية.
ارتفاع الطلب وتأثير التصميمات الحديثة على أسعار العقارات في مصر
رغم انخفاض بعض التكاليف، يمكن أن يؤدي ارتفاع الإقبال على المشروعات إلى زيادة إضافية في أسعار العقارات، وفقاً لما أشار إليه مختصون في القطاع المالي. فبعض المطورين يعتمدون تصاميم معمارية متطورة وخامات فاخرة ترفع من قيمة الوحدات، مما يجعل السعر النهائي نتيجة تفاعل عوامل كثيرة، تشمل الاقتصاديات المتعلقة بالبناء والتمويل بالإضافة إلى استراتيجيات المطورين وتفضيلات المشترين. هذا التعقيد يجعل أسعار العقارات انعكاساً ديناميكياً لأكثر من متغير اقتصادي وسوقي.
دور آجال السداد الطويلة وتأثيرها في تكوين سعر الوحدة العقارية
أوضح مسؤولون في القطاع العقاري أن ارتفاع أسعار الوحدات يعزى إلى نظام البيع على أقساط طويلة الأجل، حيث تقوم الشركات بدور مماثل للبنوك، وتعتمد بشكل كبير على الفوائد التمويلية التي يمكن أن تمثل نحو 70% من السعر النهائي، في حين لا تتجاوز تكلفة البناء 30% فقط. رغم خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة بنحو 5.25% خلال العام، فإن تأثير هذه السياسة لا يزال محدوداً على كلفة الوحدات. كما أردف بعض كبار رجال الأعمال أن هامش ربح المطورين ضيق، وفي عدة حالات تتكبد شركات خسائر.
تكلفة الأراضي وتأثيرها الجوهرى على أسعار العقارات في مصر
تشكل تكلفة الأرض عاملًا جوهريًا في تسعير العقارات، حيث يُقدر أنها تمثل حوالي نصف إيرادات المشروع العقاري. وتتوزع تكلفة المتر المربع لمبنى عقاري نموذجياً بين فوائد بنكية (50%) وثمن الأرض (25%) ومصاريف التسويق والبيع (10%)، إلى جانب مصاريف إدارية وضرائب وأرباح شركات التطوير. ويشير خبراء إلى أن حصة الأرض في معادلة التكلفة ارتفعت خلال السنوات الماضية إلى نسبة تصل إلى 60%. كما يلفت المختصون إلى توجه المطورين لتركيز استراتيجياتهم على المستثمرين الأجانب، الذين يعتبرون العقار المصري ملاذًا آمناً، وهذا الأمر يعزز الميل إلى رفع الأسعار بما يتناسب مع دخل هذه الشريحة.
- نظام البيع على الخريطة مع آجال سداد تمتد حتى 14 عاماً.
- ارتفاع الرسوم الحكومية المتنوعة التي تضيف إلى تكلفة المشروع.
- تأثير سعر صرف الدولار على تكاليف العقارات في السوق المحلية.
- تراجع أسعار مواد البناء الأساسية لا ينعكس فوراً على أسعار الوحدات.
- التصميمات والمواد الفاخرة تؤدي إلى زيادة القيمة السعرية.
- نظام التمويل الطويل يزيد من نسبة الفوائد ضمن السعر النهائي للوحدة.
- تكلفة الأرض تظل أبرز العوامل المؤثرة على إجمالي سعر العقار.
- تركز المطورين على العملاء الأجانب يدفعهم إلى رفع الأسعار بما يناسب دخلهم.
يبقى السوق العقاري المصري معقدًا يتفاعل فيه العديد من العوامل الداخلية والخارجية، فتسعير الوحدات لا يعتمد فقط على مدخلات الإنتاج، بل يتأثر بما يدور حوله من متغيرات مالية وتنظيمية، بالإضافة إلى استراتيجيات المطورين التي تسعى لموازنة مصالح مختلف الأطراف، مع الحفاظ على جاذبية الاستثمار العقاري في وسط تقلبات اقتصادية متلاحقة.