تطورات مفاجئة.. تسريح موظفين أمريكيين يعمق أزمة المصالح التركية في سوريا

تسريح كبار الدبلوماسيين الأمريكيين العاملين في الملف السوري بإسطنبول أثار تساؤلات متعددة حول توجهات السياسة الأمريكية تجاه سوريا، خصوصاً في العلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية، ما يعكس تعقيدات يصعب تجاهلها في إدارة هذا الملف الحساس.

تأثير تسريح الدبلوماسيين الأمريكيين على السياسة الأمريكية في سوريا

رحيل مجموعة من كبار الدبلوماسيين الأمريكيين المشاركين في “المنصة الإقليمية لسوريا” أثار جدلاً واسعاً؛ إذ أكد مصدر دبلوماسي أن هذه الخطوة لا تعكس خلافات سياسية مع المبعوث الأمريكي الخاص توم برّاك أو البيت الأبيض، بل جاءت ضمن إعادة تنظيم هيكلية الفريق، مع الإشارة إلى استمرار الفريق الأساسي في أداء مهامه عبر مواقع متعددة. مع ذلك، تشير مصادر أخرى إلى أن التسريح كان مفاجئاً وغير طوعي، وربما يعكس تضارباً في وجهات النظر حول التنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية ومسار دمجها مع الحكومة السورية. هذه التطورات جاءت رغم رفض وزارة الخارجية الأمريكية الإفصاح عن الأسباب الرسمية، بينما يربط بعض الدبلوماسيين الغربيين بين القرار واختلافات جوهرية بشأن مصير قسد.

دور المصالح التركية والصراع على مستقبل قوات سوريا الديمقراطية

تتقاطع المصالح الأمريكية والتركية بشكل واضح في الملف السوري، لا سيما بشأن مستقبل قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وعلاقتها بالحكومة المركزية في دمشق؛ حيث تؤيد واشنطن تنفيذ نظام فيدرالي في شمال سوريا يتيح لعديد من المناطق إدارة شؤونها، في مقابل دعم تركيا للحكومة السورية المؤقتة التي تسعى لإلغاء نفوذ قسد. تزامن ذلك مع تواجد نحو 20 ألف جندي تركي في شمال سوريا، ومطالب مستمرة بنزع سلاح الأكراد بوسائل قوية. تخشا تركيا من توسع نفوذ الأكراد على حدودها الجنوبية، خاصة أن “قسد” مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي خاض صراعات مسلحة طويلة ضدها، ويعتبر وجود أكثر من 20 مليون كردي داخل تركيا نقطة حساسة للغاية.

التقارب الأمريكي السوري والتحديات الإقليمية المستمرة

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا تحولات ملحوظة، تجلت في سلسلة لقاءات بين المسؤولين من البلدين، كان أبرزها اجتماع الرياض في مايو 2025 بين الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث أعلن ترامب بدء رفع العقوبات الأمريكية تدريجياً. في إطار التقارب، عُين السفير الأمريكي في تركيا توماس برّاك مبعوثاً خاصاً إلى سوريا، وقام بجولة شملت عدة عواصم إقليمية، ورفع العلم الأمريكي فوق مقر إقامته في دمشق، في إشارة رمزية لعودة العلاقات الدبلوماسية، كما تم التباحث حول مشاريع بنية تحتية تشمل بناء محطات كهربائية كبرى. على صعيد الصراع الإسرائيلي السوري، لعبت واشنطن دور الوسيط في المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين بهدف تخفيف التوترات في الجنوب السوري، الأمر الذي تزامن مع مرونة من الرئيس الشرع في التعامل مع المطالب الأمريكية التي تضمنت الانضمام لاتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مع تأكيده على الالتزام باتفاق فك الاشتباك لعام 1974 كضمانة لأمن الحدود.

التحركات الأمريكية تخدم، بحسب الخبراء، المصالح الاستراتيجية لإسرائيل التي تعتبر وجود تركيا العسكري في سوريا غير متوافق مع أهدافها، خاصة في ظل القصف الإسرائيلي الموجّه لقوافل عسكرية تركية عدة مرات. في المقابل، لا تزال قضية رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا عالقة، إذ تعتبر إسرائيل حكومة دمشق وزعماءها، بمن فيهم الرئيس الشرع، جهات معادية تندرج تحت خانة الإرهاب، ما يعقد المسار السياسي المتوقع في الملفات العديدة التي تتداخل فيها المصالح الأميركية، التركية، الإسرائيلية والسورية بشكل متشابك للغاية.

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.