اتفاقية الدفاع بين باكستان والسعودية تغير ميزان القوى في المنطقة؟

تُعد اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان خطوة نوعيةً في مسار التحولات الجيوسياسية الإقليمية، حيث تعكس هذه الاتفاقية رؤية جديدة في تعزيز الأمن المشترك وردع الاعتداءات، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المنطقة. وتستند هذه الشراكة التاريخية إلى تعاون يمتد لأكثر من ثمانين عامًا، مما يجعلها نقطة تحول في ميزان القوى الإقليمية.

الاتفاقية الدفاعية السعودية الباكستانية وتحوّل القوى الإقليمية

تسعى اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان إلى تعزيز جوانب التعاون العسكري المشترك بهدف الردع الفعال ضد أي اعتداء، بحيث يعتبر أي اعتداء على أحد الطرفين اعتداءً على كليهما، وهذا يعكس تحوّلًا واضحًا في ميزان القوى الإقليمية. جاءت هذه الخطوة في ظل تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية التي أثارت مخاوف خليجية بشأن اعتماد الولايات المتحدة كضامن أمن أساسي. وبرز في هذا السياق تصريح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي وصف الهجوم الإسرائيلي على قطر بأنه “عدوان وحشي يتطلب ردًا عربياً وإسلامياً ودولياً”. وفي ظل ما وصفته الباحثة فيلينا تشاكاروفا بأنه “تطور جيوسياسي مفاجئ”، تؤسس الاتفاقية لواقع جيوسياسي جديد في الشرق الأوسط وجنوب آسيا؛ حيث لم تعد المظلة الأمنيّة الأمريكية كافية، بل باتت الحاجة ماسة لتعدد خيارات التحالفات الأمنية بين الدول الخليجية.

قوة القرار السيادي السعودي عبر الاتفاقية الدفاعية مع باكستان

تجسّد هذه الاتفاقية مع باكستان، التي تُعد من الدول ذات الترسانة النووية، قوة القرار السيادي للسعودية في تطوير تحالفاتها الاستراتيجية، وعدم الاقتصار على شريك أمني وحيد. ويشمل وصفها بـ”الاتفاقية الاستراتيجية” استخدام الصواريخ والأسلحة النووية، وفق ما أوضحه الباحث حسين حقاني. إلا أن الجانب السعودي يؤكد أن هذه الخطوة لا تستهدف أي دولة في المنطقة، بل تهدف إلى حفظ أمن المقدسات والمصالح المشتركة. ويبرز في هذا السياق دور العلاقات التاريخية بين البلدين، والتي تشمل تعاونًا دفاعيًا يمتد إلى عقود، بالإضافة إلى الأبعاد الجغرافية والديموغرافية التي تعزز هذا التحالف. وتسير هذه الاتفاقية بالتوازي مع الشراكات الأمنية القائمة مع الولايات المتحدة، حيث لا تلغي الاتفاقيات السابقة بل تكمّلها، مما يزيد من متانة التحالفات ومرونتها.

شراكة تاريخية وتحالفات دفاعية ممتدة بين السعودية وباكستان

تنبثق الاتفاقية الجديدة من روابط أخوية وإسلامية بين السعودية وباكستان، وتتأسس على مصالح استراتيجية مشتركة وتعاون دفاعي وثيق مستمر منذ عام 1951، حين أبرمت الدولتان معاهدة الصداقة. وخلال الستينيات، وصلت القوات الباكستانية إلى السعودية في ظل توترات إقليمية مع القوات المصرية في اليمن، وتزايدت الروابط بعد الثورة الإيرانية عام 1979. ونشرت باكستان فرقة عسكرية في السعودية خلال حرب الخليج عام 1990-1991، وكانت مكلفة بحماية الحرمين الشريفين، فيما انضمت لاحقًا للتحالف العسكري الإسلامي الذي تقوده الرياض. ويعكس هذا التلاحم الأعمق عبر السنوات تطور التعاون العسكري والتدريبي بين البلدين، حيث ساهم أكثر من ألف ضابط باكستاني في السعودية في التدريب والاستشارات بحلول عام 2018. وتُظهر العلاقة المالية أيضاً عمق الشراكة، مع استثمارات سعودية متزايدة في باكستان تصل إلى مليارات الدولارات، إضافة إلى دعم سعودي للبنك المركزي الباكستاني.

نواة اتفاقية دفاعية إقليمية واحتمالات التوسع في تحالفات الأمن المشترك

تُعد هذه الاتفاقية نواة لمعاهدة أشمل قد تضم دولًا أخرى في المنطقة لاحقًا، في ظل تغيرات تُجبر دول الخليج على إعادة تقييم ضماناتها الأمنية الأمنية الأمريكية، خاصة مع تنامي برامج التسلح النووي الإقليمية، ويشير مراقبون إلى أن السعودية قد تستفيد عمليًا من “مظلة باكستان النووية” التي تعد الأقوى في العالم الإسلامي. ويُضاف إلى ذلك الدعم المالي السعودي المستمر لتطوير البنية الدفاعية الباكستانية وأساليب الردع النووي، ما يوسع من نطاق النفوذ والاستقرار في المنطقة. ويكشف هذا التوجه رغبة خليجية واضحة في تنويع تحالفاتها الأمنية، في ظل عالم يشهد تعدد الأقطاب ومخاطر متزايدة تهدد الأمن الإقليمي بشكل مباشر.

العنصر التفاصيل
مدة الشراكة أكثر من 80 عامًا
نوع الاتفاقية اتفاقية دفاع مشترك استراتيجية تشمل الترسانة النووية والصواريخ
الدول المشاركة السعودية وباكستان مع احتمالية انضمام دول خليجية أخرى
الدوافع تعزيز الردع ضد اعتداءات إقليمية خاصة تهديدات إسرائيل وطمأنة الاستقلال الأمني الخليجي
الاستثمارات السعودية في باكستان 25 مليار دولار عبر قطاعات متعددة ودعم للبنك المركزي بقيمة 2 مليار دولار

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.