نايف الرومي يؤكد: المعلم فوق كونه موظفًا وعمله يتجاوز مجرد حضور وانصراف

المعلم ليس موظفاً عادياً، بل إن مهنة التعليم تتطلب الكثير من الجهد والتفاني الذي يتجاوز حدود ساعات العمل الرسمية، فتجربة المعلم تمتد داخل الفصل وخارجه، في البيت وأثناء التحضير، في الأفكار والمشاعر، وفي الأداء والتعليم معاً، مما يجعل الكلمة المفتاحية “مكانة المعلم رسالة لا تختصرها بطاقة حضور وانصراف” محور نقاشنا حول أهمية الدور الذي يلعبه المعلم في بناء الأجيال ورسم مستقبل المجتمع.

الأثر العميق لمكانة المعلم ورسالة التعليم الحقيقية

مكانة المعلم ليست وظيفة روتينية بل رسالة تحمل تضحيات لا تتوقف عند حدود وقت الدوام، فالعمل التربوي يتجاوز مجرد الحضور والانصراف، فمعلم المرحلة الابتدائية يتحلى بصبر غير عادي لمواجهة تحديات الحفاظ على انتباه الأطفال، معلم الصفوف الأولى يعيش تجربة يومية معقدة تتطلب تحكماً عالياً وانتباهًا مستمرًا، بينما معلم المرحلة الثانوية يواجه تحديات مغايرة تتعلق بالتعامل مع مرحلة المراهقة، حيث يكون هو المرشد الإجتماعي والنفسي، يقابل مراهقين يبحثون عن الاستقلال ويتساءلون عن العالم من حولهم، وهذا يجعل دور المعلم أشبه بالمرشد الذي يوازن بين الانضباط والحرية، يدير التحديات بحكمة وحنكة.

لماذا يختلف عمل المعلم عن باقي المهن؟

يكمن اختلاف مهنة المعلم في عدة نقاط جوهرية، فالتأثير الواسع يتجلى في تعامله مع مئات الطلاب يومياً، مما يجعله يترك أثراً في آلاف الأجيال عبر مسيرته التعليمية، كما أن دوره يتجاوز شرح المناهج، ليشمل القدوة، والمرشد، والمربي، وموجّه السلوك، بالإضافة إلى الحاجة إلى ضبط الأعصاب والتعامل العاطفي مع المواقف الصعبة، وهو ما يفرّق عمله عن الأدوار الوظيفية التقليدية. كما يمتد عمل المعلم إلى ما بعد ساعات المدرسة الرسمية، في تجهيز الدروس، ومتابعة الطلاب، والتواصل مع أولياء الأمور، فضلاً عن التطوير المهني المستمر، وهو جهد لا يظهر عند احتساب ساعات الحضور والانصراف، مما يؤكد أن التعامل مع المعلم بعقلية موظف إداري تقليدي ينقصه الفهم الحقيقي لطبيعته المهنية.

العوامل الأساسية للنهضة الحقيقية في التعليم وتقدير مكانة المعلم

النهضة التعليمية تتطلب توفير بيئة تحترم وتقدّر مكانة المعلم اجتماعياً وإعلامياً، بحيث يُنظر إليه كقائد تربوي متميز وليس مجرد موظف حكومي عادي، كما يستلزم الأمر تخفيف العبء الإداري والورقي الذي يشتت تركيزه عن جوهر مهمته التعليمية، إلى جانب توفير برامج تطوير مستمرة ترتقي بقدراته وتجعله مواكباً للتقنيات وأساليب التعليم الحديثة، وكذلك منحه الثقة والصلاحيات اللازمتين ليتمكن من اتخاذ القرارات داخل فصوله بحرية ومسؤولية، ويحقق دوره كمهندس أجيال وصانع مستقبل لا موظف عادي محصور في جداول حضور وانصراف روتينية.

  • تقدير حقيقى ومكانة عالية للمعلم في المجتمع والإعلام
  • تخفيف الأعمال الورقية والإدارية بشكل ملحوظ
  • برامج تدريبية متطورة تواكب أساليب وتقنيات التعليم الحديثة
  • منح المعلم الثقة والصلاحيات ليكون قائداً داخل صفه

يظل المعلم ذلك العمود الفقري الذي يحمل بين يديه مسؤولية صناعة المستقبل وبناء القيم، فهو ليس مجرد موظف يدخل ويخرج في أوقات محددة، بل هو كيان حي ينعكس عمله في حياة الطلاب وفي المجتمع ككل، وبالتالي أن نظرتنا إليه يجب أن تتجاوز تسجيل الحضور والانصراف إلى فهم أعمق وتجسيد أوسع لدوره الكبير، حتى يتحقق التقدم الحقيقي في التعليم وتثمر جهودنا في جيل واعٍ ومثقف قادر على مواجهة تحديات الغد.

مراسل وصحفي ميداني، يركز على نقل تفاصيل الأحداث من قلب المكان، ويعتمد على أسلوب السرد الإخباري المدعوم بالمصادر الموثوقة لتقديم صورة شاملة للجمهور.