فساد داخل النادي واتهامات متبادلة.. لماذا تستمر الأزمة دون حلول؟
الغباء الجماعي أو ما يُعرف بعقلية القطيع هو مفهوم يعبر عن تراجع ذكاء المجموعة بسبب اتباعها الأعمى لآراء الأغلبية دون تحرٍ أو تفكير نقدي؛ وهذا ما يظهر جليًا في السلوك المتكرر من بعض الأطراف تجاه ملف فساد التحكيم في الدوري الإسباني. لأول مرة في التاريخ، خرج رئيس رابطة الليغا مع مجموعة من الصحفيين والنقاد يؤيدون جملة تفوق في غبائها الفكرة نفسها، مما يعكس ضعف التحليل وفقدان الموضوعية.
خافير تيباس صرح مباشرة بعد إعلان ريال مدريد تقديم ملف فساد التحكيم إلى الفيفا، قائلاً: “لا أعلم هل سيقدمون عدد ركلات الجزاء التي تحصلوا عليها أم لا”، في محاولة لاتهام النادي الملكي بأنه الأكثر استفادة من ركلات الجزاء في الليغا. لكن الحقيقة التي يجب أن تُفهم جيدًا أن ريال مدريد، الذي يوصف عادةً بأنه مستفيد من الحكام، هو نفس النادي الذي رفع شكوى ضد هؤلاء الحكام بسبب فسادهم؛ وهذا يعكس تناقضًا صارخًا يصعب تجاهله.
إذاً، لماذا هذا الانزعاج تجاه شكوى فريق يتعرض للفساد من قبل الحكام؟ ريال مدريد، بشفافية تامة، توجه للفيفا ليُبلغ عن فساد المنظومة التحكيمية التي طالما دعمت الفريق؛ بكلمات أخرى؛ النادي كشف عن فساد الحكام بدلاً من التستر عليه. إذًا لماذا يسعى الطرف المعني لمحاربة هذه الشفافية وكشف الحقائق؟ هذا يعكس أزمة في الجدية والمصداقية لدى من يتبنّى عقلية القطيع ويرفض مواجهة الحقائق.
طلب رئيس رابطة الليغا من ريال مدريد تسليم تقرير يوضح أعداد ركلات الجزاء التي حصل عليها على مدار 25 سنة، مقارنة ببرشلونة، مع العلم أن تحليل هذه الأرقام يجب أن يُفهم في سياق قواعد اللعبة وليس بناءً على محاولات التشهير؛ فهل ينص الدستور الإسباني أو قوانين الفيفا على أن عدد ركلات الجزاء الذي يحصل عليه الفريق يعد خطأ يُحاسب عليه؟ بالتأكيد لا؛ خصوصًا إن نظرنا إلى فارق البطاقات الحمراء؛ حيث تلقى خصوم برشلونة خلال 25 عامًا 65 بطاقة حمراء مقابل رقم سلبي لفريق ريال مدريد في هذا الإطار، مما يشير إلى اختلافات جوهرية في طريقة اللعب وأسلوب المنافسة.
معلومة هامة تُبرز مدى التضليل الإعلامي في إسبانيا تتعلق بعدد ركلات الجزاء لكل من الناديين قبل وبعد اعتماد تقنية الفار؛ حيث كان لريال مدريد 167 ركلة جزاء قبل الفار بمعدل 9,2 ركلة في الموسم، ولم يبلغ هذا الرقم قبلها برشلونة سوى 147 فقط بمعدل 8,1؛ بينما بعد تطبيق تقنية الفار، انخفض عدد ركلات جزاء ريال مدريد إلى 51 بمعدل 7,2، في حين انخفض عدد ركلات جزاء برشلونة إلى 43 فقط بمعدل 4,8.
الفريق | عدد ركلات الجزاء قبل الفار | معدل ركلات الجزاء في الموسم قبل الفار | عدد ركلات الجزاء بعد الفار | معدل ركلات الجزاء في الموسم بعد الفار |
---|---|---|---|---|
ريال مدريد | 167 | 9,2 | 51 | 7,2 |
برشلونة | 147 | 8,1 | 43 | 4,8 |
تُظهر هذه الأرقام أن تقنية الفار أدت إلى هبوط نسبة ركلات الجزاء لريال مدريد بنسبة 17%، بينما شهد نادي برشلونة انخفاضًا حادًا بنسبة 45%، وهذا لا يعني انتقادًا لنادي برشلونة بل هو كشف واضح لفهم غير دقيق قدمه تيباس حول حقيقة أكثر الأندية حصولًا على ركلات الجزاء. كما تؤكد هذه البيانات أن تقنية الفار لم تؤثر على معدل ركلات الجزاء لريال مدريد كما أثرت على برشلونة، مما يدل على دقة الأمور وتغير الواقع بعد استخدام هذه التقنية.
عقلية القطيع التي تنشأ نتيجة التمسك بوجهات نظر غير مدروسة تؤدي إلى خلل في فهم الحقائق الرياضية، إذ من البديهي أن الأداء والتحكيم يجب أن يقيم على أساس بيانات ووقائع وليس تحفظات أو هجمات شخصية؛ وهو ما يتضح من خلال متابعة ملف فساد التحكيم الإسباني وخصوصًا عندما يرفع نادي يزيد في كشف المستور وشكاوى تنال من نزاهة الحكام، ما يجعل الحوار أكثر واقعية وشفافية.