روبرت ريدفورد: كيف أصبح النجم الأسطوري الذي غير وجه هوليوود بنوره الخاص
برز روبرت ريدفورد كواحد من أبرز نجوم هوليوود، حيث جمع بين موهبة التمثيل والإخراج، وكرس حياته لدعم صانعي السينما المستقلين عبر تأسيس مهرجان صندانس السينمائي، مما جعله نموذجاً بارزاً في صناعة السينما الأمريكية.
مسيرة روبرت ريدفورد ومسيرته مع السينما المستقلة
وُلد روبرت ريدفورد في سانتا مونيكا بكاليفورنيا عام 1936، وعاش حياة مليئة بالتحديات منذ شبابه، إذ انضم لعصابة شوارع وتعرض للسجن قبل أن يجد شغفه بالفن والهروب إلى أوروبا لدراسة الفن، حيث تبنى رؤية جديدة تجاه وطنه. وبعد عودته إلى الولايات المتحدة، اتجه للتمثيل ليبدأ مسيرته بهدوء على مسارح نيويورك والتلفزيون، إلى أن نال أولى نجاحاته الكبيرة في منتصف الستينيات بأدوار متقنة مثل دور المحامي المتغطرس في “حافي القدمين في الحديقة” و”داخل ديزي كلوفر” الذي أكسبه جائزة غولدن غلوب لأفضل وافد جديد.
إن نجاح ريدفورد لم يقتصر على الأداء التمثيلي فقط، بل امتد إلى دعمه لصناعة السينما المستقلة، حيث أسس مهرجان صندانس السينمائي الذي أصبح منصة أساسية لعرض أفلام المخرجين المستقلين ودعم مسيراتهم الإبداعية. هذا المهرجان جعل من روبرت ريدفورد شخصية محورية في إعادة تعريف السينما خارج دائرة الاستوديوهات الكبرى، مقدماً جهداً استثنائياً لتعزيز حرية التعبير الفني.
تجارب ريدفورد السينمائية وأدواره التي شكلت مسيرته الفنية
برز ريدفورد عالمياً مع فيلم “بوتش كاسيدى والفتى صندانس” عام 1969، حيث شكّل شراكة فنية مميزة مع بول نيومان نالت إعجاب النقاد والجمهور. ورغم أن استوديوهات هوليوود حاولت حصره في أدوار تعتمد على وسامته، لكنه تحدى تلك الصورة من خلال اختياراته الفنية المتنوعة ورفضه تقليص أدواره إلى مجرد شخصية نمطية.
تابع ريدفورد نجاحاته بأدوار مهمة مثل شخصية المحتال جوني هوكر في فيلم “اللدغة” عام 1973، الذي حاز على عدة جوائز أوسكار بينما رشح هو لجائزة أفضل ممثل، وهو الإنجاز الوحيد لنيله ترشيح الأوسكار في التمثيل رغم مسيرته الطويلة. بالإضافة إلى ذلك، أظهر قدراته في أفلام مثل “كل رجال الرئيس” الذي سلط الضوء على فضيحة ووترغيت، و”هاتسبي العظيم”، و”خارج أفريقيا”، والتي تباينت بين النجاح النقدي والتجاري.
الجانب الإنساني والالتزام الاجتماعي لروبرت ريدفورد في السينما والبيئة
لم يكن روبرت ريدفورد ممثلاً ومخرجاً فقط، بل كان مدافعاً قوياً عن القضايا البيئية وحقوق الأمريكيين الأصليين، ناشطاً عبر حملات متعددة وملتزماً بقضايا عالمية تتجاوز الفن. عكس ذلك من خلال أفلامه التي حملت رسائل هادفة، فضلاً عن تأسيسه معهد صندانس لدعم الفنانين المستقلين مالياً وفنياً.
على الصعيد الشخصي، عاش ريدفورد حياة معقدة تأثرت بفقدان أفراد عائلته، الأمر الذي ربطه بتجربة العذاب رغم نجاحه المهني، مؤمناً بأن الجاذبية التي منحه إياها القدر كانت مصحوبة بثمن عاطفي قاسٍ، خصوصاً بعد وفاة أولاده ووالدته. وعلى الرغم من ذلك، حافظ على توازنه عبر علاقاته الإنسانية والمهنية، وخاض تجارب تمثيلية وإخراجية متنوعة حتى أواخر حياته، شاملًا أعمالاً مثل سلسلة “رياح مظلمة” ومسيرة طويلة من الانفتاح على تجارب فنية جديدة كالظهور في أفلام الحركة.
كان ريدفورد نموذجاً للفنان الذي يرفض الالتزام بالنمطية في السينما، مصمماً على أن يكون صانع قرارات مستقلاً وصاحب صوت مؤثر في الصناعة، مساهمًا في تغيير وجه السينما الأمريكية إلى جانب الالتزام بالقضايا الاجتماعية والبيئية، ليترك إرثاً ممتداً لا يقتصر على الشاشة فقط، بل يشمل روح الفن الحر والنضال من أجله.