سورية تواجه تحديات العصر الرقمي بين بطء الإنترنت وقدرات البنية التحتية الحديثة

تشهد سوريا تطورًا ملحوظًا في مجال الإنترنت، إذ يسعى وزير الاتصالات عبد السلام هيكل إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية وتوسيع نطاق خدمات الإنترنت بأسلوب يواكب الركب العالمي، مما يؤكد أهمية الإنترنت في سوريا كعنصر حاسم للتنمية وتمكين المواطنين في كل القطاعات. ورغم ذلك، يواجه قطاع الإنترنت في سوريا تحديات عدة تنبع من مشاكل بنية تحتية قديمة وقيود أمنية مشددة أثرت على جودة وسرعة الخدمة.

الإنترنت في سوريا: الواقع الحالي وبنية تحتية تحتاج إلى تطوير

تعتمد معظم الأسر السورية على شبكة الإنترنت عبر نظام ADSL الذي يستخدم كوابل نحاسية تعود لأكثر من عشرين عامًا؛ ما يؤدي إلى بطء ملحوظ في السرعة ويشبه خدمة الإنترنت لدى الكثيرين بـ”إنترنت السلحفاة”، نتيجة الاعتماد على بنية تحتية متهالكة بالدرجة الأولى. ومع محاولات إدخال تقنية الفايبر، إلا أن التغطية تبقى محدودة جغرافيًا، ولا تشمل سوى عدد قليل من المشتركين، كما تبين من تصريحات وكالة سانا.

بالإضافة إلى ذلك، أدت إدارة الشبكة السابقة بأساليب غير احترافية إلى تراجع كبير في جودة الإنترنت، حيث لم تقم أي عمليات صيانة جوهرية على الكوابل أو تطويرها، فضلًا عن القيود الأمنية التي كانت تحد من سرعة الإنترنت، إذ لم يُسمح لأي مستخدم بالتقدم للحصول على سرعة تفوق 4 ميجابت في الثانية دون موافقات أمنية معقدة، ما أعاق تطور القطاع وعزل المواطنين عن التقدم التكنولوجي العالمي. أما خدمات الإنترنت عبر شبكات الهاتف المحمول 3G و4G فتعاني من ضعف التغطية وارتفاع الأسعار؛ حيث تبلغ تكلفة باقة بيانات 60 جيجابايت أكثر من 80 ألف ليرة سورية، في وقت تتراوح الرواتب الشهرية لموظفي القطاع العام بين 80 و100 دولار، وهو ما يجعل هذه الخدمات بعيدة عن متناول العديد من السوريين. يرى كثير من الشباب، مثل الطالب محمد الشيخ، أن الإنترنت أصبح ضرورة حيوية لتحصيل العلم والمعرفة، وأن توفره بأسعار معقولة بات أولوية ملحّة.

الخطوات الجديدة لتحسين خدمات الإنترنت في سوريا

اتبعت وزارة الاتصالات خطوات عملية لتحسين جودة الإنترنت في سوريا، حيث أعلن الوزير عبد السلام هيكل عن اتفاق لتوريد سعات إنترنت من الأردن لتغطية احتياجات البلاد بشكل مؤقت حتى الانتهاء من مشروع سيلك لينك. سيتم تفعيل هذه الخطوة خلال أسابيع بعد إصلاح الكبل الضوئي الممتد من معبر نصيب/جابر الحدودي إلى دمشق، ما سينعكس بارتفاع في سرعة وجودة الإنترنت قريبًا. ويشير هيكل إلى أن تطوير البنية التحتية يحتاج وقتًا وجهودًا مكثفة، إلا أن العمل متواصل على قدم وساق.

برزت خدمات الإنترنت الفضائي عبر ستارلينك كحل تقني لمنطقة يصعب فيها تمديد بنية تحتية أرضية، لما تتمتع به من سرعات تصل إلى 200 ميجابت في الثانية، لكنها تواجه تحديات اقتصادية تتعلق بتكلفتها العالية التي تشمل سعر الجهاز الذي يتراوح بين 900 و1300 دولار، مع اشتراك شهري يبلغ نحو 100 دولار. إضافة إلى ذلك، يلزم تفعيل الخدمة وجود بطاقة ائتمان دولية، وهو أمر معقد في ظل العقوبات المفروضة على سوريا. من جانبها، تقتصر الهيئة الناظمة للاتصالات على الموافقة على محطات الاتصال الفضائي للجهات الحكومية والمنظمات الدولية فقط، كما طالبت بتسليم أي معدات غير مرخصة في مهلة زمنية، مؤكدة أن الاستخدام المخالف يعرض صاحبه للمساءلة القانونية.

• توريد سعات إنترنت مؤقتة من الأردن بعد إصلاح الكبل الضوئي الحدودي.
• توسيع شبكة الألياف الضوئية ضمن مشروع سيلك لينك.
• تفعيل واستخدام الإنترنت الفضائي بحذر مع مراعاة التكلفة والترخيص القانوني.

مشروع سيلك لينك: مستقبل الإنترنت في سوريا ورؤية رقمية جديدة

شهد مايو انطلاق مشروع سيلك لينك الذي يقود وزارة الاتصالات السورية لتأسيس شبكة ألياف ضوئية جديدة تربط آسيا وأوروبا، ويعدها الوزير عبد السلام هيكل بوابة استراتيجية لدمج سوريا في المسارات الرقمية العالمية بمستوى جودة وسرعة عالية. يأتي المشروع تحت صيغة شراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) مع شركات عالمية متخصصة، ويهدف إلى إعادة سوريا إلى مكانتها التاريخية كنقطة محورية على طريق الحرير، مما يفتح آفاقًا أوسع للتواصل والتبادل التجاري والتكنولوجي.

وأكد هيكل أن مشروع سيلك لينك يعكس طموحات السوريين في تحديث السوق الرقمية، كما يحسن البنية الاقتصادية الحديثة ويجذب الاستثمارات والشراكات مع كبريات شركات التكنولوجيا ومراكز البيانات، مما يمهد لحاضر ومستقبل رقمي متكامل.