مصرف لبنان يكشف توقعات النمو الاقتصادي لعام 2025 بعد فترة انكماش بنسبة 6.4%
بدأ الاقتصاد اللبناني يظهر بوادر انتعاش مبكرة في النصف الأول من عام 2025، وسط تحديات كبيرة على الصعيدين المحلي والإقليمي؛ وفي هذا السياق، يأتي تقرير الاقتصاد الكلي الصادر عن مصرف لبنان كمرجع حيوي يعكس تطورات هذا التعافي ويقدم مؤشرات واضحة حول الوضع الاقتصادي الراهن.
تقرير الاقتصاد الكلي: رؤية شاملة لتطورات الاقتصاد اللبناني بين 2024 و2025
أصدر مصرف لبنان أول تقرير شامل للاقتصاد الكلي يهدف إلى رسم صورة موثوقة ومتكاملة عن واقع الاقتصاد اللبناني بعد سنوات من الأزمة المالية الحادة؛ وجاء التقرير، الذي عمل عليه نحو 30 موظفًا على مدى شهرين، بموافقة فنية لصندوق النقد الدولي، ليقدم مؤشرات اقتصادية مركبة تسهل على الأسواق والهيئات الرقابية والمصارف وصنّاع القرار والمواطنين فهم الواقع الاقتصادي دون الاعتماد على إحصاءات غير دقيقة. يتضمن التقرير مراجعة للتطورات الاقتصادية المحلية والعالمية، مع تركيز على قطاعات الصناعة، التجارة، الإنشاءات، السياحة، والفنادق، إضافة إلى تحليل مستويات التضخم وتطور أسعار الفائدة ووضع القطاع المصرفي، فضلاً عن نظرة شاملة إلى ميزان المدفوعات والحساب الجاري.
بوادر انتعاش الاقتصاد اللبناني في 2025 رغم الظروف الإقليمية والتحديات العالمية
بيّن الملخص التنفيذي للتقرير أن الاقتصاد اللبناني بدأ يظهر مؤشرات تعافي متواضعة لكنها واعدة في النصف الأول من 2025، بعد أعوام من الانكماش الاقتصادي والاجتماعي؛ وقد تعزز هذا التعافي بالاستقرار السياسي الذي شهد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى تعيين حاكم مصرف لبنان، مما حسن معنويات السوق وقلص حالة عدم اليقين السياسي. ويتزامن ذلك مع بيئة إقليمية متوترة بفعل الحرب في غزة والهجمات في جنوب لبنان، علاوة على أزمة اللاجئين السوريين وتأثيراتها على الأمن والاستقرار، مما يزيد الضغوط على محاولة التعافي الهشة. كما ينعكس تباطؤ النمو العالمي وتغيرات السياسات النقدية في الولايات المتحدة على الاقتصاد اللبناني، خاصة عبر تأثيرات ارتفاع تكاليف الاستيراد والتضخم المحلي.
دور مصرف لبنان والقطاع المصرفي في دعم الاستقرار الاقتصادي وسط تحديات الهيكلة المالية
في مواجهة غياب خطة إنعاش حكومية واضحة، حاز مصرف لبنان دورًا محوريًا في التخفيف من تداعيات الأزمة المستمرة على القطاع المالي؛ إذ عمل البنك المركزي على حماية حقوق المودعين عبر تعاميم متعددة تسمح بالسحب التدريجي للودائع بالدولار الأميركي، مع مراعاة تنظيم وتحجيم المخاطر. ورغم ذلك، انكمش القطاع المصرفي التجاري بنسبة 60% في حجم الميزانيات بين 2019 و2025، وانخفضت شبكة الفروع والتوظيف بشكل حاد، مقابل توسع في القنوات المالية غير المصرفية ونمو مؤسسات العمليات الإلكترونية. كما أسهمت إجراءات مصرف لبنان في رفع احتياطياته من العملات الأجنبية والذهب، ودفع تحسن السيولة والملاءة المالية، بينما سجلت التشريعات المالية تقدمًا ملحوظًا لتعزيز الشفافية والامتثال الدولي، مثل تعديل قانون السرية المصرفية وتطوير قوانين إعادة هيكلة القطاع المالي.
المؤشر الاقتصادي | العام 2024 | النصف الأول من 2025 |
---|---|---|
نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي | انكماش 6.4% | عودة للنمو المتواضع |
معدل التضخم السنوي | 41.8% | 15% |
احتياطيات مصرف لبنان (دون الذهب، مليار دولار) | غير محدد | 11.3 |
احتياطيات الذهب (مليار دولار) | غير محدد | 30.28 |
عجز الحساب الجاري (مليار دولار) | 5.9 | 5.6 |
ودائع الـ “فريش” بالدولار (مليار دولار) | غير محدد | 4.4 |
يشير التقرير كذلك إلى أن تراجع التضخم إلى 15% في حزيران 2025 يعود إلى استقرار سعر الصرف وتحسين الانضباط المالي وتشديد السياسة النقدية، مع بقاء التضخم الأساسي مرتفعًا عند 16.4% نتيجة استمرار الضغوط المحلية. تبدو المؤشرات القطاعية، مثل تحسن التجارة والسياحة، داعمةً لهذا التعافي الحذر، مع تحوّل تقرير الأعمال الخاص بمصرف لبنان إلى إيجابي خلال النصف الأول من 2025. وفي الوقت ذاته، تبقى مساحة المخاطر السياسية والاقتصادية كبيرة، مع استمرار نقاط الضعف الهيكلية والتي تتطلب تنفيذ إصلاحات إضافية لتعزيز الاستقرار وتثبيت التعافي.