حفتر يعزز نفوذه الاستراتيجي في ليبيا ويؤسس لسيطرة عائلية مستدامة

تُظهر التطورات الأخيرة في ليبيا كيف يُهيئ المشير حفتر نفسه وعائلته لنفوذ استراتيجي طويل الأمد في ليبيا، عبر تعيين نجليه صدام نائبًا له وخالد رئيسًا للأركان، مما يعزز سيطرته العائلية على شرق البلاد ويترجم هيمنة مُعلنة على الأجهزة الأمنية في برقة. هذه الخطوة تؤكد أن حفتر يسعى لترسيخ حكمه العائلي بطريقة أكثر استدامة، في مقابل ضعف نفوذ الفاعلين الآخرين في المناطق الغربية.

تعيينات حفتر وعائلته وتأثيرها على النفوذ الاستراتيجي في ليبيا

تُبرز تعيينات حفتر الأخيرة مدى حرصه على تثبيت موقع عائلته في مراكز السلطة العسكرية والإدارية في شرق ليبيا؛ فقد أصبح نجله صدام الرجل الأقوى في الجهاز التنفيذي كنائب له، فيما يتولى خالد رئاسة الأركان، مما يرسخ هيمنة العائلة في مؤسسات الأمن ببرقة. هذا التمركز العائلي يُعيد تشكيل المشهد الاستراتيجي في ليبيا، إذ يعكس ترتيبًا متعمدًا لترسيخ نفوذ طويل الأمد بعيدًا عن المزاج الشعبي أو التحالفات المؤقتة.

على النقيض، يظهر رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ضعفه في السيطرة على الغرب الليبي، حيث يعتمد على دعم ميليشيات طرابلس التي لم تُدمج بالكامل في مؤسسات الدولة، ولا يملك قيادة حقيقية لهذه الفصائل، ويعتمد بالأساس على دعم الجيش التركي المتمركز في المنطقة الغربية. هذا الأمر يُظهر حجم الفوارق في قوة السيطرة بين الشرق والغرب، ويُبرهن أن نفوذ الدبيبة هَش وغير مستدام على عكس حفتر الذي يبني قواعده الأمنية والسياسية على أسس عائلية متينة.

دور تركيا والتقارب المتزايد مع حفتر وتأثيره على المشهد الليبي

على الرغم من تاريخ التوتر بين حفتر وتركيا، تتضح مؤشرات لتقارب متزايد بين الطرفين، ما ينعكس في دعم تركي ضمنيًا للفصائل الليبية في الشرق والغرب لحملهم على التوصل إلى تسوية سياسية، وتشكيل حكومة وحدة تشارك فيها الأطراف كافة. تركيا، بدلاً من التحالف مع جهات معينة وتحقيق مكاسب حصرية عبر مذكرة التفاهم والمشاريع المرتبطة بإعادة الإعمار، تبدو مهتمة بتوفير توازن بين القوى الليبية، خاصة في مواجهة الضغوط اليونانية القبرصية الفرنسية لتعزيز موقعها في شرق المتوسط.

هذا التقارب قد يُسرّع من مسار ترتيبات تقاسم السلطة، مما يفتح الباب أمام حفتر للعب دور أساسي في طرابلس، عن طريق الاستفادة من نفوذ قواته المسلحة في الشرق، وتوسيع سيطرته لتشمل العاصمة، إما عبر التفاوض أو عبر فرض السيطرة بالقوة، وهذا الأمر يعتمد بشكل كبير على رد فعل الميليشيات الغربية وخاصة في طرابلس ومصراتة، إضافة إلى مصالح الأطراف الخارجية الفاعلة وعلى رأسها تركيا.

توجيهات جديدة وخارطة الطريق نحو الانتخابات ودور حفتر في المستقبل السياسي الليبي

تأتي هذه التطورات وسط استعدادات لإعلان خارطة طريق جديدة تهدف إلى توجيه ليبيا نحو إجراء انتخابات شاملة وتشكيل حكومة موحدة ينحسر فيها الانقسام، وهذه الخطوة بحسب تصريحات حفتر، ليست إلا البداية لإعادة هيكلة أوسع تشمل تعيينات في مناصب رئيسية لتعزيز النفوذ السياسي والعسكري لعائلته. بذلك، يرسّخ حفتر دوره ليس فقط كمكون رئيسي في المشهد السياسي الحالي، بل كقوة مؤثرة على المدى البعيد، حيث يشغل أبناؤه مناصب استراتيجية على المستوى العسكري والاقتصادي في شرق البلاد.

يُعتبر صدام حفتر الوريث الأوفر حظًا لهذا الدور، بعد ترقيته التي تعزز مكانته كولي للعهد وعقب سياسي وعسكري محتمل. هذا الهيكل العائلي المتين يعزز من فرصة حفتر في فرض نفوذه الكامل على البلاد مستقبلاً، من خلال السيطرة على المواقع الأساسية في الدولة، والتعامل مع التحديات الراهنة والملتقى الحساس بين المصالح الداخلية والخارجية.

المناصب المسؤول الدور
نائب المشير حفتر صدام حفتر القيادة التنفيذية، ولي العهد
رئيس أركان القوات خالد حفتر الإدارة العسكرية العليا
دعم الميليشيات الغربية عبد الحميد الدبيبة اعتماد معتمد على دعم ميليشيات طرابلس
الجيش التركي داعم رئيسي للفصائل في الغرب الليبي

من المؤكد أن هذه الديناميكية الجديدة ستجعل من ليبيا ساحة معقدة لتوازن القوى بين المحاور المختلفة، مع تركز نفوذ قوي لعائلة حفتر في الشرق، وصراع مستمر على النفوذ في الغرب، في ظل تدخلات إقليمية حاسمة تجعل المشهد يتجه نحو احتمالات متعددة، ومفاوضات دقيقة تحكمها مصالح الأطراف الداخلية والخارجية على حد سواء.

مراسل وصحفي ميداني، يركز على نقل تفاصيل الأحداث من قلب المكان، ويعتمد على أسلوب السرد الإخباري المدعوم بالمصادر الموثوقة لتقديم صورة شاملة للجمهور.