غياب الجيوب في ملابس النساء: حقائق تؤكد الفجوة بين تصميمات الرجال والنساء
الجيوب في ملابس النساء تمثل موضوعًا يعكس اختلافًا واضحًا عن ملابس الرجال، التي تُزخر بجيوب متعددة تلبي حاجات التخزين والتنقل، الأمر الذي يثير تساؤلات حول سبب ندرة الجيوب العملية في ملابس النساء بالرغم من الطلب المتزايد عليها.
الجيوب في ملابس النساء: تاريخ طويل من التجاهل وغياب الوظيفة
لطالما كان وجود الجيوب في ملابس النساء أقل بكثير مقارنةً بملابس الرجال، وهذا يعود جذوره إلى تاريخ طويل من التصميم الذي لم يُعتبر فيه الجيب ضرورة عملية بل عنصرًا زخرفيًا أو حتى غائبًا تمامًا. في القرنين السادس عشر والسابع عشر، استخدمت النساء “الجيوب المربوطة” التي كانت تربط حول الخصر وتُخفى تحت التنورة، وكانت تؤدي وظيفة حمل مفاتيح، نقود، وزجاجات عطور، ما عكس مستوى من الاستقلالية والاعتماد على الذات آنذاك. لكن في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، مع ظهور موضة “الريجينسي” التي تعتمد على الملابس الضيقة، اختفت الجيوب بالكامل من ملابس النساء، مما جعل حمل المقتنيات الشخصية صعبًا وزاد من اعتماد المرأة على الآخرين. بعد ذلك، بدأت النساء في استخدام حقائب اليد الصغيرة، لكنها فرضت قيودًا على حرية الحركة، فقد كانت تشغل اليدين وتحد من قدرة المرأة على القيام بمهامها بسهولة.
لماذا الجيوب في ملابس النساء أقل من رجالها؟ تأثير الصناعة والتصميم
تعود مشكلة قلة الجيوب النسائية إلى عدة عوامل مرتبطة بصناعة الموضة نفسها، مثل الاعتماد الكبير على إيرادات إعلانات حقائب اليد التي ترفض الترويج لبدائل عملية مثل الجيوب. يرتبط ذلك أيضًا بالفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، حين سادت التصاميم الأنثوية التقليدية ذات الأحزمة الضيقة والتنورات الواسعة، التي تُعرقل إضافة الجيوب الكبيرة والعملية. وفي الوقت الحاضر، تبرز هذه المشكلة بوضوح مع توسع استخدام الهواتف الذكية، ما يجعل حاجة المرأة لجيوب فسيحة أمرًا ضروريًا. ويُظهر استطلاع أجرته مؤسسة “يوغوف” في بريطانيا عام 2020 أن 40% من النساء يرفضن شراء الملابس التي تفتقر للجيوب، مما يعكس حجم الإحباط تجاه هذا النقص.
تغيّر صناعة الموضة نحو دمج الجيوب: فرص وتحديات مستمرة
تتجه بعض علامات الأزياء الكبرى نحو الاهتمام بالجيوب في تشكيلاتها النسائية، حيث زادت مشاهدتها في عروض خريف وشتاء 2025-2026 مثل عروض برادا، لويس فويتون، وسيمون روشا، حيث ظهرت العارضات ويدهن في جيوب عميقة تعكس صورة قوية ومستقلة. لكن يبقى التساؤل حول وصول هذه التصاميم العملية إلى حياة النساء اليومية خارج منصات العرض، أم أنها ستظل محصورة ضمن عروض الأزياء الفاخرة فقط. وفيما تحاول مصمّمات مستقلات مثل جولي سيغيل تطوير ملابس نسائية تدمج الجيوب العملية، يظل التحدي قائمًا أمام الصناعة التي غالبًا ما تغلب الأناقة على الوظيفة، خاصة في أزياء الرفاهية التي يقودها الرجال أكثر من النساء. لكن مع الزيادة المستمرة في الوعي والمطالبات المجتمعية التي ساعد في نشرها هاشتاغات مثل “#نريد_جيوباً”، يبدو أن التغيير قريب، مع توقعات بأن تزداد فرص وجود جيوب عملية تلبي حاجات النساء وتنقل مفهوم الملابس من مقيد إلى حرّ يشجع استقلالية المرأة وثقتها.
العامل | تأثيره على وجود الجيوب |
---|---|
تصميم الموضة التاريخي | اختفاء الجيوب مع ملابس الضيقة وغيابها لصالح الزينة |
إعلانات حقائب اليد | تدفع الصناعة لتقليل الجيوب لتشجيع شراء الحقائب |
احتياجات النساء المعاصرة | زيادة الحاجة لجيوب عملية مع الهواتف الذكية والأغراض اليومية |
القيادة الإبداعية في الأزياء | تراجع دور النساء في قيادة دور عرض الأزياء يؤثر سلبًا |
من منظور عملي، الجيوب ليست فقط مساحة لوضع الأشياء، بل تعبر عن استقلالية المرأة ودورها في المجتمع بعدما كانت مرتبطة بحمل الأغراض الشخصية بسهولة وأمان. الأزياء الحديثة بدأت تدريجيًا تستجيب لتلك الحاجة، ويراهن الكثيرون على أن يزداد حضور الجيوب في الملابس النسائية بشكل أكبر، خاصة مع مشاركات النساء المصممات اللواتي تعرفن فارقًا حقيقيًا في حياتهن اليومية جراء هذا النقص. بالتالي، تبقى قضية الجيوب واحدة من أبرز رموز التوازن بين الجمال والعملية في الملابس النسائية، مما يجعل الحديث عنها ضروريًا لفهم تحولات الموضة وتأثيراتها الاجتماعية.