الأمية تعيق النمو الاقتصادي: كيف يصبح التراجع مسار التنمية؟
تُشكّل الأمية العائق الأكبر أمام النمو الاقتصادي حيث يؤثر نقص القدرة على القراءة والكتابة مباشرةً على إنتاجية الأفراد وأداء الأسواق، ما ينعكس سلبًا على استدامة التنمية وجذب الاستثمارات في الدول المختلفة؛ إذ أظهرت الدراسات أن تقليل معدلات الأمية يسهم في تحسين القوة الاقتصادية بصورة ملموسة.
دور محو الأمية في تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجية
يرتبط النمو الاقتصادي بشكل وثيق بمستويات محو الأمية، إذ يؤكد الاقتصادي وليد جاب الله أن انخفاض نسب الأمية يعزز من كفاءة سوق العمل، حيث يكتسب الأفراد مهارات تؤهلهم للوظائف ذات الرواتب الأعلى، مما يرفع من قدرتهم الشرائية والإنتاجية القومية، وفي الوقت نفسه يزيد من قدرة الاقتصاد على المنافسة. وتُعتبر القوى العاملة المتعلمة عنصرًا رئيسًا في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، إذ توفر شركات كثيرة بيئة عمل تتطلب كفاءات قادرة على التعامل مع التكنولوجيا والابتكار؛ أما ارتفاع معدلات الأمية فيُشكل عائقًا مباشرًا أمام تحقيق معدلات نمو مرتفعة.
كما أن تأثير الأمية يتجاوز فرص العمل إلى الابتكار وإنتاج المعرفة؛ فالمجتمعات المتعلمة أكثر قدرة على تطوير منتجات وخدمات جديدة، واعتماد استراتيجيات اقتصادية حديثة تُسرّع من عملية التنمية الشاملة. ومن هذا المنطلق، يؤكد جاب الله على أهمية تعزيز برامج محو الأمية، واعتبارها استثمارًا طويل الأجل ينبني عليه اقتصاد قوي ومستدام.
جهود مصر لمحاربة الأمية ودورها في دعم الاقتصاد الوطني
تمكنت مصر من تقليل معدل الأمية بنسبة 9.2% بين عامي 2017 و2024، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهذا مؤشر واضح على نجاح جهود الدولة في رفع الوعي التعليمي وتحسين أنظمة محو الأمية، والتي تستهدف بناء قاعدة أوسع من الأفراد القادرين على المشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية.
تركز المبادرة الوطنية “مصر بلا أمية 2030” على القضاء الكامل على الأمية بحلول نهاية العقد الجاري من خلال تنفيذ برامج متعددة تشمل مبادرات رئاسية ومجتمعية، ويحتل مشروع “حياة كريمة بلا أمية” مركز الصدارة في هذه الخطة، حيث يتم دعم القرى الأكثر احتياجًا بتوفير فصول دراسية ومرافق متخصصة لتعليم الكبار وتطوير مهاراتهم، مما يُسهم في تمكين المجتمع وتحسين الظروف الاقتصادية للأسر.
تكلفة الأمية على الاقتصاد العالمي وأهمية الاستثمار في التعليم الأساسي
تكبد الأمية الاقتصاد العالمي خسائر تفوق التريليون دولار سنويًا كنتيجة لانخفاض الإنتاجية ومداخيل الأفراد، فيما كشفت تقارير دولية مثل تقرير اليونسكو GEM 2025 أن تقاعس الاستثمار في التعليم الأساسي يكلف الاقتصاد العالمي نحو 10 تريليونات دولار سنويًا، بينما يمكن تحسين الناتج العالمي بحوالي 6.5 تريليون دولار سنويًا بحلول 2030 من خلال رفع مستويات القراءة والكتابة.
وحذر تقرير ASDR 2024 من أن ضعف التعلم الأساسي يتسبب في خسائر دخل تراكمية قد تصل إلى 800 مليار دولار مدى حياة الفرد، بالإضافة إلى أعباء مالية متزايدة على الأسر في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، مما يؤجج الفجوات الاجتماعية ويؤخر وتيرة النمو الاقتصادي.
البند | التكلفة السنوية |
---|---|
خسائر الأمية في الاقتصاد العالمي | 1 تريليون دولار+ |
تكلفة التقاعس عن التعليم الأساسي | 10 تريليونات دولار |
الزيادة المحتملة في الناتج العالمي | 6.5 تريليون دولار بحلول 2030 |
خسائر الدخل التراكمية للأفراد | 800 مليار دولار مدى الحياة |
يُعد الاستثمار في التعليم الأساسي أمرًا جوهريًا لتعزيز القدرة التنافسية وتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث تبيّن أن دعم تحسين مهارات القراءة والكتابة يعادل من حيث التأثير إضافة سنوات دراسية كاملة للطلاب، ما يُعزز من فرصتهم في الحياة والاقتصاد. وهذا يوضح الفارق الكبير الذي يمكن لخفض مستويات الأمية أن يحدثه في مسار النمو الاقتصادي العالمي والمحلي.