ترامب يعيد الأميركيين إلى حقبة تصعب نسيانها.. تعرف على الأسباب خلف الانتكاسة
أنشئ مكتب حماية المستهلك المالي لحماية حقوق المواطنين أمام استغلال الأسواق المالية، ويُعد “مكتب حماية المستهلك المالي” نموذجًا نادرًا للكيانات الفعالة في واشنطن التي تُعنى بمراقبة حقوق المستهلك، إذ أعاد لمئات الملايين من الأميركيين مبالغ مالية ضخمة جرى استغلالها في أسواق المال ووول ستريت، لكن في عهد إدارة ترامب، أصبح وجود المكتب مهددًا بعد محاولات لتقليص سلطاته وتقليص عدد موظفيه.
التهديد القانوني والمصيري لمكتب حماية المستهلك المالي في ظل سياسة ترامب
في 15 أغسطس 2025، أصدرت محكمة استئناف فدرالية قرارًا معقدًا بشأن مصير مكتب حماية المستهلك المالي، حيث ألغت صلاحية قرار المحكمة الأدنى الذي كان يوقف خطة إدارة ترامب لتسريح عدد كبير من الموظفين، إلا أنها أبقت على التجميد المؤقت للقرار بانتظار جلسة جديدة، مما أبقى “سيف الفصل” مرفوعًا. هذا الحكم يعكس هشاشة مستقبل المكتب وتهديده بفقدان مكانته وسط ضغوط متزايدة، في ظل سياسة واضحة لإضعافه، إذ استُحدثت وزارة جديدة تُدعى “وزارة كفاءة الحكومة” أو DOGE بقيادة إيلون ماسك، ليقود حملة منهجية لتفكيك المكتب ومنعه من أداء دوره الحيوي.
دور مكتب حماية المستهلك المالي في إعادة الحقوق ومقاومة الاستغلال المالي
أسس مكتب حماية المستهلك المالي نتيجة للأزمة المالية عام 2008، وبحلول اليوم، أعاد أكثر من 21 مليار دولار للمستهلكين الأمريكيين الذين تعرّضوا لممارسات استغلالية من قبل وول ستريت والمؤسسات المالية الكبرى. وقد صُمم المكتب ليكون جهة مستقلة تُراقب البنوك وشركات الإقراض وبطاقات الائتمان بموجب قانون دود-فرانك لعام 2010، الذي وضّع إطارًا صارمًا للرقابة المالية، مما قلص خسائر ملايين العمال وأوقف ممارسات التلاعب والخداع. يعتمد المكتب على قاعدة بيانات إلكترونية لإدارة شكاوى المستهلكين، فضلاً عن إجراء البحوث وتقديم التشريعات والإرشادات، ومتابعة التحقيقات ورفع الدعاوى ضد المخالفين، ما يعكس دورًا شاملاً في حماية المستهلك من الموارد المالية التقليدية والناشئة على حد سواء.
الصراع بين شركات التكنولوجيا المالية والسيطرة الرقابية لمكتب حماية المستهلك المالي
ما أثار مخاوف كبيرة في وادي السيليكون هو توجه المكتب لمراقبة منصات التكنولوجيا المالية، أو الفينتك، مثل المحافظ الرقمية وتطبيقات الدفع بين الأفراد، جنبًا إلى جنب مع مقترحات لحماية البيانات الشخصية للمستخدمين، الأمر الذي وضع شركات كـ Apple Pay وGoogle Pay وPayPal وCash App وX تحت مجهر الرقابة، ما أثار استياء كبيرة لدى عمالقة التكنولوجيا. ويُعزى هذا الصراع جزئيًا إلى تداخل المصالح بين بعض ممولي حملة ترامب وشركات تحت طائلة تحقيقات أو تعرّضت لعقوبات من قبل المكتب، ما يؤكد الطابع السياسي لما يحدث، خصوصًا مع تقديم إيلون ماسك وممولين آخرين دعمًا ماليًا لحملة ترامب، في حين تواجه شركاتهم شكاوى وتحرّيات من CFPB.
تسببت سياسة إدارة ترامب في تقليص سلطات مكتب حماية المستهلك المالي، كما ألغت قرارات كانت تحمي المستهلكين وتحفظ حقوقهم المالية، مثل الحد الأعلى للغرامات المتأخرة على بطاقات الائتمان، الذي كان يُتوقع أن يوفر للمستهلكين أكثر من 10 مليارات دولار سنويًا. ثم أُلغيت قواعد تحد من رسوم السحب على المكشوف، التي كانت ستوفر للمستهلكين 5 مليارات دولار سنويًا، في حين أُسقطت قضايا تنفيذية مهمة وقُلت العقوبات المالية على شركات كبرى، بما أدى إلى فقد عشرات الملايين من تعويضات المستهلكين، في حين أصبحت الأسر وحدها تواجه ممارسات استغلالية بلا رادع.
في المقابل، تسعى بعض الولايات مثل كاليفورنيا وإلينوي إلى تعزيز قوانين حماية المستهلك من خلال تأسيس هيئات ومشاريع قوانين تحاكي نموذج مكتب حماية المستهلك المالي، رغم ضعف الموارد في مواجهة حجم الاستغلال الكبير. وهذا قد يولد تفاوتًا في مستوى الحماية بين الولايات، ما يضع الأسر في بعض المناطق في مهب المخاطر، بينما تُجبر الشركات على التعاطي مع قواعد متباينة من ولاية لأخرى.
القرار أو القاعدة | الأثر المتوقع |
---|---|
إلغاء الحد الأعلى للغرامات المتأخرة على بطاقات الائتمان | فقدان توفير مالي تجاوز 10 مليارات دولار سنويًا للأسر |
إلغاء قاعدة السحب على المكشوف لعام 2024 | تراجع بحوالي 5 مليارات دولار في التوفير للمستهلكين سنويًا |
خفض الغرامة على Wise US Inc من 2 مليون إلى 45 ألف دولار | تبديد تعويضات المستهلكين بمبالغ كبيرة |
تخفيض التعويضات ضد Toyota Motor Credit | فقدان تعويضات بقيمة 42 مليون دولار مستحقة للمستهلكين |
تبدو الصورة واضحة؛ تحركات إدارة ترامب ومؤيديها تعيد الأوضاع المالية للمستهلكين إلى الأوقات الصعبة التي عانى فيها الأميركيون من استغلال مالي واسع، بينما ترتفع أرباح الشركات وتزداد هيمنة وول ستريت ووادي السيليكون دون قيود، وهذا يعكس رؤى وارثي ذلك النظام الجديد.