الهند تعيد تشغيل استيراد النفط الروسي عبر مصافيها الحكومية بعد توقف مؤقت

استأنفت الهند استيراد النفط الروسي عبر مصافيها الحكومية بعد توقف مؤقت شهدته الأسابيع الماضية، نتيجة التحديات المتعلقة بآليات الدفع والتغيرات التنظيمية الناجمة عن العقوبات الغربية على موسكو، ما يعكس مرونة استراتيجية نيودلهي في تأمين إمدادات الطاقة.

الحفاظ على شراكة استراتيجية في استيراد النفط الروسي رغم التحديات الدولية

على الرغم من الضغوط الغربية المستمرة التي تهدف إلى تقليل اعتماد الهند على النفط الروسي بسبب الأزمة الأوكرانية، اتخذت نيودلهي خطوات واضحة للحفاظ على علاقاتها المتينة مع موسكو في قطاع الطاقة؛ حيث توفر واردات النفط الروسي أسعارًا تنافسية وفرصًا طويلة الأمد لتلبية الطلب المحلي. وصرح مسؤول في وزارة النفط والغاز الطبيعي الهندية أن استئناف استيراد النفط الروسي تم بعد إتمام الترتيبات الفنية والمالية الضرورية، مؤكدًا حرص الهند على الموازنة بين مصالحها الاقتصادية ومتطلبات الأمن الطاقي، ما يدل على استراتيجية متوازنة تهدف إلى استقرار سوق الطاقة داخليًا.

زيادة حصة النفط الروسي في مزيج الطاقة الهندي وأبعادها الاقتصادية

شهدت واردات الهند من النفط الروسي طفرة كبيرة منذ أوائل 2022، حيث تبوأت روسيا مكانة متقدمة بين موردي الخام للهند مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة الحالية، إذ شكّل النفط الروسي نحو 40% من إجمالي واردات الهند في 2023. ويُعد خام “أورال” الروسي خيارًا جذابًا اقتصاديًا، بما يوفره من خصومات تصل حتى 20% مقارنة بأسعار الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصة مع تزايد الضغوط التضخمية في الأسواق العالمية، مما يعزز من أهمية استيراد النفط الروسي ضمن مزيج الطاقة الهندي في ظل تناقضات الأسعار وتقلبات العرض.

التسويات المالية والتقنية وراء استئناف استيراد النفط الروسي في الهند

أعادت شركات التكرير الحكومية، ومن أبرزها “إنديان أويل” و”بهارات بتروليوم”، توقيع عقود استيراد النفط الروسي بعد وضع تسويات مالية بديلة تتضمن التعامل بعملات غير الدولار الأميركي، واستخدام قنوات مصرفية خارج نطاق العقوبات الغربية. هذه الخطوات مكنت الهند من تجاوز مشكلات الدفع العالقة، مما سمح للمصافي الحكومية بضمان تدفق الخام الروسي المستمر، في وقت تعيش فيه الأسواق العالمية حالة من التوتر بسبب تخفيضات الإنتاج من تحالف “أوبك+” وتذبذب الأسعار فوق مستوى 85 دولارًا للبرميل.

تستخدم الهند في استيراد النفط الروسي آليات دقيقة تشمل:

• استخدام عملات بديلة غير الدولار لتقليل أثر العقوبات
• اللجوء إلى قنوات مصرفية لا تخضع للعقوبات الأميركية والأوروبية
• التنسيق الفني لضمان قدرة المصافي على معالجة الخام الروسي المتنوع

استئناف الهند لاستيراد النفط الروسي يأتي في إطار سعيها لتأمين مصادر طاقة مستقرة وبأسعار مناسبة، بالتزامن مع تحولات حادة في السوق النفطية العالمية، إذ تسعى نيودلهي إلى ضمان توازن مستدام بين الأبعاد الاقتصادية والسياسية حيث تستفيد من الخصومات الروسية وتتفادى الانقطاعات المحتملة في إمدادات الخام. هذا المزيج يعكس استراتيجيات معقدة تسخرها الهند في الحفاظ على أمنها الطاقوي وسط تحديات عالمية متزايدة.