فيلم «صوت هند رجب» يحقق نصرًا بارزًا بـ«الأسد الفضي» بمهرجان البندقية عن غزة
الرواية الإماراتية الجديدة تبرز كمرآة تعكس الهوية الثقافية للمجتمع الإماراتي بكل تفاصيله، إذ تعبر بشكل مباشر عن التحولات والتغيرات التي شهدتها البلاد من خلال سرد أحداث تحكي تجربة فردية وجماعية متعددة الأبعاد
تعبير الرواية الإماراتية عن الهوية الثقافية للمجتمع المحلي
تمثل الرواية الإماراتية الجديدة شكلاً سردياً يصور الواقع الاجتماعي والثقافي بعيون مبتكرة، حيث تجسّد هذه الأعمال الأدبية هوية المجتمع الإماراتي بكل ما تحويه من تفاصيل تاريخية وتراثية واجتماعية؛ فقد تناولت روايات مثل «ثلاثية الدال» لنادية النجار فترة الستينات في الإمارات مع ذكر حادثة احتراق سفينة «دارا»، مما أتاح قراءة عميقة لتراث المنطقة بأسلوب سردي سلس، كما عكست رواية «رحلة غريسة» لفاطمة حمد بوعيسى الشامسي ملامح الحياة الإماراتية القديمة، من بعضها القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد إلى الألعاب الشعبية واللهجة المحلية، لتقف على تفاصيل الحياة في مناطق عجمان ورأس الخيمة قبل مائة عام، بينما تناولت رواية «يوميات روز» لريما الكمالي قضايا تعليم المرأة وتمكينها، رافقة ذلك بسرد تاريخي اجتماعي يبرز التحولات الحاصلة في المجتمع.
أنماط وتحولات الخطاب السردي في الرواية الإماراتية الجديدة
تشير الدراسات إلى أن الرواية الإماراتية تسير في اتجاهات سردية متنوعة منها التاريخي، والواقعي، والعجائبي، مع تطور متسارع في تقنياتها الفنية؛ ففي الاتجاه التاريخي تستند الأعمال الروائية إلى مادة مزيجة بين الواقع والخيال بهدف إحياء الذاكرة الجمعية، أما الاتجاه الواقعي فيتمثل في تمثيل الواقع بكل تناقضاته وتفاصيله الاجتماعية، وهذا ما يظهر بوضوح في روايات مثل «كولاج» لفتحية النمر التي تناقش قضايا المجتمع الناتجة عن التغير الثقافي والانفتاح، أو رواية «سين تريد ولداً» التي تسلط الضوء على مفاهيم الزواج في مجتمعٍ متطور اقتصادياً وثقافياً، وتعد الرواية الواقعية من أكثر الأجناس الروائية احتواء على عناصر من التراث والأسطورة والشعر، بينما يعتمد الاتجاه العجائبي على استحضار عناصر الغموض والسحر والخيال، مستفيداً من ثقافة الكاتب ونظرته للآداب الأخرى، مع وجود أعمال تمثل هذا التوجه مثل «ثنايئة مجبل بن شهوان» و«زينة الملكة» لعلي أبوالريش، و«غرفة واحدة لا تكفي» لسلطان العميمي.
التقنيات السردية المتنوعة في الرواية الإماراتية الجديدة
توظف الرواية الإماراتية الجديدة تقنيات سردية تمزج بين الزمان والمكان والحوار لتعزيز عمق النص وإيصال رسائلها بدقة وجاذبية، فالزمن في النص الروائي ليس مجرد إطار للتواريخ بل هو عنصر حي مرتبط بمكان الأحداث وشخصياتها وأسلوبها اللغوي، وهذا واضح في أعمال مثل «الهائمون» و«يوميات روز» و«دائرة التوابل»، حيث يستخدم الزمن في شكل تراكبي يجمع بين الماضي والحاضر لينقل الأبعاد الحضارية والثقافية للمجتمع، ويبرز التأثيرات المتبادلة بينهما، أما المكان فيُعتبر عنصراً متكاملاً ذا دلالات رمزية متعددة تختلف باختلاف رؤية الكاتب وتفاعل القارئ، إضافة إلى دوره في تحريك حواس المتلقي وإحياء ذاكرته، وهذا يظهر في توظيفات متنوعة في الروايات الإماراتية التي تبرز البعد المكاني وتأثيره في صياغة الأحداث.
أما الحوارية فهي تقنية محورية تساعد على إبراز أصوات الشخصيات بشكل مستقل أو متداخلة مع صوت الراوي، كما في رواية «كمائن العتمة» التي تستخدم الحوار لإبراز تعمق القارئ في تفاصيل الشخصيات وأبعاد الأحداث، أو في «ليلة مجنونة» التي تظهر من خلالها الفوضى الداخلية للشخصيات وعلاقتها بالخلفية الاجتماعية. هكذا تجمع الرواية بين التقنيات الفنية المختلفة لتقدم أعمالاً سردية غنية تعبر عن واقع المجتمع الإماراتي وتاريخيته وهويته.
- تقنية السارد: فهو الصوت الذي ينقل القصة ويشكل الوعي السردي
- التقنية الزمانية: تشمل الحركة بين الزمن الحالي والماضي وأسلوب الفلاش باك
- التقنية المكانية: تسهم في بناء فضاء النص وتقديم دلالات رمزية للحدث
- الحوارية: توضح التفاعلات بين الشخصيات وتعبر عن صوت الفرد والمجتمع
- تقنية الشخصية واللغة: تعكس البنية النفسية والاجتماعية من خلال بناء متقن للأبطال والأسلوب اللغوي
الرواية | الكاتبة/الكاتب | الاتجاه السردي | الموضوع الرئيسي |
---|---|---|---|
ثلاثية الدال | نادية النجار | تاريخي/واقعي | الستينات واحتراق سفينة دارا وتراث المنطقة |
رحلة غريسة | فاطمة حمد بوعيسى الشامسي | تاريخي/واقعي | الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الإمارات قبل 100 عام |
يوميات روز | ريم الكمالي | واقعي | تعليم المرأة وتمكينها والواقع الاجتماعي |
رياح من طشقند | منى التميمي | تاريخي/وعظي | التاريخ وتأثير الماضي على الحاضر |
كمائن العتمة | فاطمة المزروعي | واقعي | تحليل نفسي واجتماعي من خلال الحوار |
تمثل الرواية الإماراتية بكل تنوعها ونضجها تطوراً أدبياً يعكس انفتاح المجتمع والتغير المستمر الذي يصاحبه، وهي بذلك تواصل لعب دورها كمخزن للذاكرة ولغتها الفريدة في التعبير عن الإنسان وتجربته في هذا الوطن.