تعافي العملة في مناطق الشرعية.. واقع مختلف يعزل المواطن عن التحسن الاقتصادي

شهد سعر الريال اليمني تحسنًا ملحوظًا أمام العملات الأجنبية مؤخرًا، إلا أن المواطنين يعانون من ارتفاع إيجارات السكن المستمر، رغم انخفاض سعر الريال السعودي من 750 إلى نحو 425 ريالًا، وهذا التفاوت يشير إلى وجود فجوة حقيقية بين تحسن سعر الصرف والواقع الاقتصادي.

التلاعب بأسعار الإيجارات وتأثيره على المواطن في ظل تحسن سعر الريال اليمني

تُظهر شكاوى المواطنين أن الملاك الذين كانوا يستقبلون الإيجار بالريال السعودي رفضوا الآن ذلك، مُصرين على استلام الإيجارات بالعملة المحلية وبالقيمة ذاتها، ما يعكس تعسفًا واضحًا في التعامل مع تحركات السوق، حيث يستغل البعض تقلبات سعر الصرف لتحقيق مكاسب على حساب المستأجرين. ويُظهر هذا التلاعب غيابًا تامًا لتدخل رسمي يربط بين أسعار الإيجارات وتغيرات سعر الريال اليمني، مما يُحرم المواطنين من الاستفادة الحقيقية من تحسن قيمة عملتهم، ويبقيهم في ظل نظام سوقي هش يفتقر للرقابة والضوابط القانونية.

تأثير تحسن سعر الريال اليمني على قطاع التعليم والجامعات الخاصة

في قطاع التعليم الجامعي، تجلت الأزمة بشكل واضح، حيث نفذ طلاب جامعة العلوم والتكنولوجيا في عدن إضرابًا شاملاً احتجاجًا على رفع الرسوم الدراسية، والذي تم الاستناد فيه إلى تسعير الدولار بسعر 1100 ريال يمني، متجاهلين السعر الرسمي المعلن من البنك المركزي الذي يبلغ نحو 800 ريال. هذا الموقف يعكس غياب الرقابة الفعالة من وزارة التعليم العالي على الجامعات الخاصة التي باتت في نظر الكثيرين مؤسسات تجارية تسعى للربح على حساب حقوق الطلاب في التعليم، مما يوضح أن تحسن سعر الريال اليمني لم ينعكس بشكل حقيقي على أسعار الخدمات التعليمية ولا حياة الطلبة، وكان مجرد رقم ظاهر على السجلات الرسمية دون تأثير ملموس.

الأفران والمخابز بين ارتفاع التكاليف وتحسن سعر الريال اليمني

تواجه المخابز والأفران تحديات كبيرة رغم تحسن سعر الريال اليمني، إذ حذرت جمعية الأفران في تعز من توقف جماعي نتيجة عدم تغطية تسعيرة المبيعات لتكاليف الإنتاج الحقيقية. فقد انخفض سعر الدقيق بنسبة وصلت إلى 43%، لكن المواد الأساسية الأخرى مثل الكهرباء والمياه والوقود لم تشهد تغيرًا يُذكر، مما أدى إلى استمرار الضغط على هذه المنشآت الحيوية. ورغم صدور تعميم من السلطة المحلية لتعديل الأوزان والأسعار بما يتناسب مع انخفاض الأسعار، فإن غياب مشاركة أصحاب المصلحة أضعف من تأثير هذه القرارات وجعلها نظرية لا تنعكس على الواقع المعيشي.

البند الوضع الحالي التأثير على المخابز والأفران
سعر الدقيق انخفض بنسبة 43% تخفيف جزء من تكلفة الإنتاج
الكهرباء والمياه والوقود ثابت أو مرتفع زيادة الضغوط المالية
تسعيرة البيع غير متوافقة مع التكاليف تهديد بالتوقف الجماعي

تكشف هذه المؤشرات بوضوح أن تحسن سعر الريال اليمني لا يرتبط بإصلاحات اقتصادية حقيقية بقدر ما هو انعكاس مؤقت لعمليات ضخ العملة الأجنبية أو إجراءات مؤقتة للبنك المركزي، إذ لم تصاحب هذا التحسن خطوات إصلاحية مثل ضبط الإيرادات العامة والرقابة الفعالة على الأسواق وكبح المضاربات. لذا، فإن هذا المشهد الاقتصادي هش وغير مستدام، ولا يعكس تحسنًا حقيقيًا في معيشة المواطنين بل مجرد أرقام ظاهرية تفتقد للثبات.

وفي ظل احتفالات بعض الأوساط بـ”تعافي العملة”، تبقى حياة المواطنين في مناطق مثل عدن وتعز وأبين ولحج معقدة بسبب غياب رقابة فعالة وتطبيق للإصلاحات الضرورية، ما يضعهم أمام معاناة مزدوجة؛ الأولى في التكاليف اليومية والأخرى عند انفجار فقاعة التحسن الوهمي، لذا فإن التركيز يجب أن يكون على جودة حياة الناس وليس فقط أرقام سعر الصرف.

صحفي يغطي مجالات الرياضة والثقافة، معروف بمتابعته الدقيقة للأحداث الرياضية وتحليلاته المتعمقة، بالإضافة إلى اهتمامه بالجانب الإنساني في القصص الثقافية والفنية.