تفاقم التوتر الأمني في طرابلس مع تعثر المفاوضات السياسية
لا يزال التوتر الأمني في طرابلس يتصاعد وسط تعثر المفاوضات بين الحكومة وجهاز الردع، ما يعكس حالة من عدم الاستقرار الخانقة في العاصمة الليبية، حيث تستمر التحركات العسكرية وأجواء القلق بين السكان.
تحركات عسكرية مستمرة وأجواء توتر في أحياء طرابلس رغم تعثر المفاوضات الأمنية
تشهد طرابلس حركة عسكرية نشطة داخل المدينة، وخاصة في الأحياء الجنوبية الشرقية، حيث تتنقل المركبات العسكرية ليلاً دون توقف، رغم تراجع دخول أرتال من خارج العاصمة منذ أيام؛ وتنتشر قوات فض النزاع التابعة لرئاسة الأركان العامة في نقاط التماس بين مواقع قوات وزارتي الدفاع والداخلية ومواقع جهاز الردع، خصوصًا في مناطق زاوية الدهماني وباب بن غشير وعين زارة والسراج، مما يزيد من حدة التوتر الأمني في طرابلس. وتوجد تحركات مكثفة بين الحكومة وجهاز الردع ضمن مفاوضات بطيئة، لكنها لم تسفر حتى الآن عن تقدم ملموس يخفف التوتر أو يمنع اشتعال أزمات بين الطرفين.
تعثر المفاوضات حول تسليم المؤسسات الحيوية وأثرها على التوتر الأمني في طرابلس
يرتبط تعثر المفاوضات الأمنية في طرابلس بشكل كبير بمطلب الحكومة استعادة السيطرة على مطار معيتيقة وميناء المدينة، إلى جانب سجن معيتيقة، وهو ما رفض جهاز الردع تسليمه، معتبراً أن هذا الطلب يجب أن يُعمم على كل التشكيلات المسلحة في العاصمة، حيث يرفض التخلي عن هذه المؤسسات التي تمثل أوراق قوته الاستراتيجية، مما يعقد فرص حل الأزمة ويقود إلى استمرار التصعيد في طرابلس. وقد أظهرت الاتفاقيات السابقة اتصالات إيجابية مثل موافقة مبدئية من جهاز الردع على تسليم سجن معيتيقة لمكتب النائب العام، إلا أن الخلاف حول المطار والميناء لا يزال قائماً، ما يفاقم الأوضاع الأمنية ويعزز الاحتقان بين الأطراف.
تأثير التصعيد العسكري على السكان ودور المجتمع الدولي في استقرار طرابلس
تكمن هشاشة الوضع الأمني في طرابلس بتزايد القلق لدى سكان العاصمة الذين يعيشون تحت وطأة تحشيدات عسكرية واحتقان متصاعد؛ فقد عبر سكان مناطق مثل تاجوراء وسوق الجمعة عن رفضهم القاطع لأن تتحول مدنهم إلى ساحات عبور للقوات المسلحة، محذرين من اندلاع نزاعات مسلحة قد تخل بأمن العاصمة. وعلى الرغم من تدخل البعثة الأممية التي أعربت عن قلقها العميق جراء هذه التحركات وحذرت من تبعات التصعيد العسكري في طرابلس، إلا أن المواقف الرسمية في المدينة لا تزال صامتة، ما يخلق فراغًا يتسرب فيه العنف ويوسع دائرة الاستقطاب الأمني.
الفصيل | الوظيفة | مناطق النفوذ |
---|---|---|
جهاز الردع | تنفيذ الأحكام القضائية والسيطرة على السجون | مطار معيتيقة، ميناء طرابلس، سجن معيتيقة |
قوات وزارتي الداخلية والدفاع | حماية العاصمة ومؤسسات الدولة | اللواء 444، اللواء 111، الأمن العام |
نشأت جذور التوتر الأمني الحالي من اشتباكات مسلحة اندلعت في مايو الماضي بعد تمكن قوات الحكومة من الإطاحة بجهاز دعم الاستقرار في منطقة أبوسليم، لكنها لم تتمكن من حسم المواجهة مع جهاز الردع، الذي اتُهم بـ”المليشيا الخارجة عن القانون” و”دولة داخل الدولة”؛ ما دفع الحكومة لمطالبته بالحل سياسياً وتسليم السيطرة على المؤسسات التي تحوزها، في محاولة لاستعادة هيمنة الدولة على مفاصل العاصمة الأمنية، لكنه ما زال يرفض التخلي عن مواقعه. وبالإضافة إلى ذلك، كشفت تقارير دولية عن انتهاكات واسعة وجدت داخل سجونه، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في طرابلس.
إن استمرار التصعيد العسكري في طرابلس دون تحقيق حلول ملموسة، وغياب المواقف الرسمية الواضحة، يدفع العاصمة نحو مزيد من عدم الاستقرار، بينما يظل سكانها يعانون من حالة من الخوف والقلق، وسط دعوات محلية وأممية تتكرر لوقف أي تحركات عسكرية قد تؤدي إلى مواجهة مسلحة تهدد أمن المنطقة بأكملها.