انتشار قوات عسكرية في طرابلس يحفّز سكان المدينة على التزود بالمؤن

يشهد سكان طرابلس ظرفًا استثنائيًا فرض عليهم التزود بالمواد الأساسية، بعدما أجبرهم الانتشار العسكري المكثف في أطراف العاصمة على التوجه نحو التموين والاحتفاظ بالمؤن الضرورية، حرصًا على مواجهة أي تطورات أمنية قد تؤثر على حياتهم اليومية. يتزايد الطلب على الوقود والسلع الغذائية، ما يعكس مدى تأثير التوترات العسكرية على السوق المحلي وحالة القلق السائدة بين الأهالي.

تأثير الانتشار العسكري على حركة التموين في طرابلس

يحاصر الانتشار العسكري الثقيل في مناطق مثل قصر بن غشير وطريق الشوك وفوق مناطق في بلدية عين زارة سكان طرابلس بحالة من التوتر والقلق العميق، ما دفع العائلات إلى الاندفاع نحو الأسواق لشراء المواد التموينية والوقود، بالإضافة إلى الإقبالات الكثيفة على شراء الدولار تزامنًا مع ارتفاع سعره في السوق الموازي ليصل إلى 7.8 دنانير، مقابل السعر الرسمي البالغ 6.4 دنانير. أجواء الشارع تبدو متوترة، حيث شوهدت طوابير السيارات أمام محطات الوقود وازدحام لم تشهده الأسواق منذ وقت طويل.

هذه التحركات تعكس بوضوح تأثير الضغوط الأمنية على سلوكيات المواطنين نحو التموين، إذ يفضل الكثيرون شراء كميات إضافية خوفًا من ندرة السلع أو ارتفاع أسعارها في الأيام المقبلة، وهو ما يفاقم حالة القلق في بيئة اقتصادية هشة تعاني من اضطرابات مستمرة، ويزيد الحاجة إلى متابعة مستمرة للأوضاع وتأمين الاحتياجات الأساسية.

الاحتياطات الشعبية في طرابلس وسط تصاعد التوترات الأمنية

يتجه أهالي طرابلس في هذه الأيام إلى تخزين المواد الغذائية الأساسية التي قد لا تتوفر بسهولة في حالة تفاقم الأزمة، فالأسر تستعين بكميات إضافية من الطحين، الزيت، والمعلبات، بينما يلجأ آخرون إلى تأمين الوقود الذي ما يزال يشهد نقصًا وازدحامًا أمام محطات التزويد. عبد المعين الجبالي يقول إنه بدأ بشراء التموين منذ ساعات الصباح الأولى، خوفًا من اختفاء بعض السلع، وأم نزار تعبر عن خوفها من المستقبل وأطفالها الذين يسألونها عن سبب التخزين الكثيف وسط أصوات إطلاق النار القريبة.

تأتي هذه الاستعدادات الشعبية على خلفية تحذيرات خبراء الاقتصاد الذين يشيرون إلى أن التوترات العسكرية تؤدي مباشرة إلى ضغوط في سوق العملات والسلع الأساسية، ما يرفع الأسعار ويهدد القوة الشرائية للأفراد، خصوصًا مع اعتماد ليبيا الكبير على الواردات وتقلب إيرادات النفط. في ظل هذا الواقع، لا يجد المواطنون بديلًا سوى التزود بالمواد الضرورية لضمان استمرار حياتهم في ظل هذه الأجواء غير المستقرة.

الواقع الاقتصادي والخدمي وتأثيره على التموين في طرابلس

رغم تصاعد حالة القلق التي سببها الانتشار العسكري، تحافظ المؤسسات الحكومية على سير عملها بصورة طبيعية، فالوزارات تكمل مهامها، ووزارة التربية والتعليم تؤكد استمرار امتحانات الشهادة الثانوية دون تأخير. بالمقابل، تستمر الأزمات المعيشية في الضغط على السكان، مع نقص البنزين، وانقطاعات الكهرباء المتكررة، وشح السيولة في المصارف.

في هذا السياق، يعمل مصرف ليبيا المركزي بالتعاون مع وزارة المالية على صرف رواتب ما يزيد على 2.3 مليون موظف حكومي عبر منظومة “راتبك لحظي”، رغم وجود خلافات بين الحكومتين في الشرق والغرب. وقد أعلن المصرف أن المنظومة نجحت في مطابقة حوالي مليوني حساب، وهو ما من شأنه القضاء على المرتبات الوهمية، وتسريع عمليات التحويل، وإنشاء قاعدة بيانات دقيقة. ورغم ذلك، يثير ديوان المحاسبة الموازي قلقًا من المخاطر القانونية والإدارية لتلك المنظومة، مشيرًا إلى أن تطبيقها قد يؤدي إلى هدر المال العام مع فقدان السيطرة على بند الرواتب الذي يشكل أكثر من 45% من الإنفاق العام.

العامل الوضع الحالي التأثير على التموين
انتشار عسكري دبابات وشاحنات مسلحة بأطراف طرابلس زيادة الإقبال على شراء المواد التموينية والوقود
سوق العملات ارتفاع سعر الدولار إلى 7.8 دنانير في السوق الموازي استهلاك العملة الصعبة كملاذ آمن للمدخرات
الأزمات الخدمية نقص البنزين وانقطاعات التيار الكهربائي ازدحام طويل أمام محطات الوقود واقبال متزايد على السلع الأساسية
صرف الرواتب منظومة “راتبك لحظي” ستسرّع عمليات التحويل دعم الاستقرار المالي للموظفين وتأثير إيجابي على السوق المحلي

إن سلوك سكان طرابلس نحو التموين يعكس بوضوح قلقهم من تداعيات التصعيد العسكري، وهو ما يضاعف من حدة التحديات الاقتصادية والخدمية التي تواجه العاصمة، ويضعها تحت ضغط مركب لا يزال يتصاعد مع استمرار الأزمات الأمنية التي تهدد الاستقرار اليومي.

مراسل وصحفي ميداني، يركز على نقل تفاصيل الأحداث من قلب المكان، ويعتمد على أسلوب السرد الإخباري المدعوم بالمصادر الموثوقة لتقديم صورة شاملة للجمهور.