الذهب يتسلق المرتفعات مع تصاعد التوترات التجارية وتهديدات التضخم

سجل الذهب مطلع سبتمبر 2025 مستوى غير مسبوق بتجاوزه 3500 دولار للأونصة، مع تصاعد إقبال المستثمرين على المعدن النفيس كملاذ آمن وسط تصاعد التوترات التجارية الأميركية وأزمة الدين المتفاقمة، بالإضافة إلى قلق واسع بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي في إدارة السياسة النقدية. يعكس هذا الاندفاع الاستثماري الثقة التاريخية في الذهب كأصل يحافظ على السيولة والقيمة خلال أوقات الاضطرابات الاقتصادية والسياسية.

الذهب بين مؤيديه وفريق المعارضين في السوق المالي

يُعتبر الذهب عبر التاريخ ملاذًا للمستثمرين نظرًا لقدرته على الاحتفاظ بالقيمة وسهولة تداوله عالميًا، لكن هذه المكانة ليست موضع توافق تام. حيث وصف المستثمر وارن بافيت الذهب بأنه “أصل عقيم” لا يولد عوائد، مشيرًا إلى أنه يحتفظ بقيمته فقط دون نمو حقيقي. ومع ذلك، فإن الإقبال المتزايد على الذهب في الفترة الحالية ناتج عن عوامل متعددة، أبرزها تصاعد الحرب التجارية التي يقودها الرئيس ترامب، وارتفاع الدَّين الأميركي إلى مستويات قياسية يربك الاستقرار المالي، فضلاً عن الضغوط المتزايدة على الاحتياطي الفيدرالي لتخفيض أسعار الفائدة. أظهرت بيانات بلومبيرغ ارتفاع حيازات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب في سبتمبر إلى أعلى مستوى منذ يونيو 2023، مما يعكس زخماً كبيرًا في الطلب على المعدن النفيس.

دور البنوك المركزية في تعزيز اتجاه الذهب القياسي لعام 2025

بدأت الموجة الصعودية لسعر الذهب منذ مطلع 2024 مدفوعةً بعمليات شراء مكثفة من قبل البنوك المركزية، خاصة في الأسواق الناشئة التي تسعى لتقليل اعتمادها على الدولار الأميركي. وفقًا لمجلس الذهب العالمي، اشترت هذه البنوك أكثر من ألف طن من المعدن الثمين خلال 2024 للعام الثالث على التوالي، وتمثل هذه المشتريات نحو خُمس الذهب المُستخرج تاريخيًا. هذا التوجه تعزز بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وتجميد الأصول الروسية، مما كشف هشاشة الاحتياطيات الأجنبية أمام العقوبات الدولية، وهو ما دفع العديد من الدول إلى تنويع مخزوناتها نحو الذهب. رغم تباطؤ وتيرة الشراء مع ارتفاع الأسعار، يبقى دور البنوك المركزية جوهريًا في دعم المسار الصعودي للمعدن. يرتبط هذا الطلب أيضًا بالعادات الثقافية في دول مثل الهند والصين، حيث يعتبر اقتناء السبائك والمجوهرات رمزًا للأمن والازدهار، وتمتلك الأسر الهندية وحدها نحو 25 ألف طن من الذهب، وهو ما يفوق 5 أضعاف احتياطيات “فورت نوكس” الأميركية، مما يوفر دعمًا قويًا للأسعار حتى في أوقات تراجع الطلب الاستثماري.

المخاطر والقيود السوقية التي قد تؤثر على أسعار الذهب

على الرغم من الزخم الحالي في ارتفاع أسعار الذهب، تشير تحليلات بلومبيرغ إلى وجود عوامل قد تبطئ أو تعكس الاتجاه الصعودي، منها احتمالية تسوية النزاعات التجارية التي يثيرها ترامب، أو التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا. كما أن البنوك المركزية التي تشكل القوة الدافعة قد تتحول إلى مصدر ضغط في حال قررت تخفيض احتياطياتها، على الرغم من غياب مؤشرات حديثة تشير إلى ذلك. من جهة أخرى، يواجه المستثمرون في الذهب تكاليف إضافية منها مصاريف التخزين، الحماية، والتأمين، بالإضافة إلى فروق الأسعار بين الأسواق العالمية المختلفة. فقد شهدت العقود المستقبلية في بورصة “كومكس” نيويورك ارتفاعًا كبيرًا عن الأسعار الفورية في لندن، ما أدى إلى سباق عالمي لنقل السبائك صوب الولايات المتحدة للاستفادة من هذا الفارق، قبل أن تعلن إدارة ترامب استثناء الذهب من الرسوم الجمركية، مما خفف من حدة هذا التنافس. إضافة إلى ذلك، تختلف مواصفات السبائك بين الأسواق؛ فسبائك لندن تعادل 400 أونصة، في حين تتطلب عقود “كومكس” سبائك بعوز 100 أونصة أو كيلوغرام واحد؛ ما يفرض ضرورة إعادة صهر وتصنيف السبائك في مصافي سويسرا قبل شحنها، وهو ما يسبب اختناقات في حالات الضغط الكبير على إعادة توزيع المخزونات.

البنك المركزي كمية الذهب المشتراة (طن) سبب الشراء
البنوك الناشئة أكثر من 1000 تقليل الاعتماد على الدولار وتنويع الاحتياطيات
الهند حوالي 25000 (مخزون الأسر) تقليد ثقافي ورمز للأمان والازدهار
الولايات المتحدة (فورت نوكس) حوالي 4600 أحد أكبر مخزونات الذهب الرسمية في العالم

كاتب لدي موقع عرب سبورت في القسم الرياضي أهتم بكل ما يخص الرياضة وأكتب أحيانا في قسم الأخبار المنوعة