مصرف ليبيا المركزي يواجه تحديات كبيرة لتنظيم السوق وتأمين الاستقرار المالي

تُعد منظومة حجز العملة الأجنبية التي أطلقها مصرف ليبيا المركزي محاولة واضحة لتنظيم السوق السوداء وتعزيز الاستقرار المالي، حيث توفر للمواطنين إمكانية شراء العملة بسعرها الرسمي عبر منصة “الأغراض الشخصية” الإلكترونية بشكل مباشر وطبيعي.

أسباب الأزمة الاقتصادية المؤثرة على منظومة حجز العملة الأجنبية في ليبيا

يعاني الاقتصاد الليبي من ضعف واضح بسبب الاعتماد الكبير على عوائد النفط، التي تشكل المصدر الرئيس للدخل القومي؛ وعند توقف الإنتاج أو التصدير، تنخفض الإيرادات بشكل حاد، ما يؤدي إلى فجوة كبيرة في الميزانية العامة. هذا التحدي الاقتصادي يتفاقم بفعل الانقسام السياسي بين الشرق والغرب، مما أثر سلباً على استقرار الدينار الليبي وقيمته الشرائية في السوق. في محاولة للسيطرة على الوضع، قام مصرف ليبيا المركزي بخفض قيمة الدينار رسميًا إلى 5.5677 مقابل الدولار، مع تخفيض الضرائب على النقد الأجنبي، ولكن السوق الموازية استمرت في التداول بأسعار أعلى بكثير، مما يظهر انعدام الثقة في المؤسسات الرسمية. إضافة إلى ذلك، أدى انتشار العملات المزورة إلى تعقيد المشهد المالي، فكان اللجوء إلى منظومة حجز العملة الأجنبية الإلكترونية خطوة ضرورية لضبط الأسواق وتقليل تأثير التلاعبات.

كيفية عمل منصة “الأغراض الشخصية” وأهدافها في منظومة حجز العملة الأجنبية

تُتيح منصة “الأغراض الشخصية” للمواطنين حجز حتى 4000 دولار أمريكي سنويًا بسعر الصرف الرسمي، بهدف الحد من الطلب في السوق غير الرسمية. تعتمد هذه المنظومة على تنظيم وحصر طلب العملة عبر قناة رسمية تمكّن من تقليل المضاربات والبيع خارج الأطر القانونية. كما تساهم المنصة في زيادة الشفافية من خلال توثيق كافة عمليات صرف النقد الأجنبي إلكترونيًا، مما يسمح بمتابعة أكثر دقة وتحكمًا في تدفق العملة. يرجع نجاح هذه المنظومة إلى تطوير تجربة سابقة من عام 2017، وهي اليوم جزء من نظام موحد يدير جميع عمليات صرف العملات الأجنبية، يخدم كلًا من الأفراد والشركات لتسهيل معاملات الاستيراد والاعتمادات المستندية.

خطوات التسجيل والحجز في منظومة حجز العملة الأجنبية عبر منصة مصرف ليبيا المركزي

للاستفادة من منظومة حجز العملة الأجنبية، يمر المستخدم بعدة خطوات واضحة وبسيطة:

  • التسجيل: إدخال البيانات الأساسية مثل الرقم الوطني، رقم جواز السفر الساري، ورقم هاتف مرتبط بحساب بنكي.
  • تقديم الطلب: ذكر الغرض من الحجز مثل السفر، العلاج، الدراسة أو غيرها من الاستخدامات الشخصية.
  • التحقق والموافقة: يقوم النظام بمطابقة البيانات والتأكد من استيفاء كل الشروط المطلوبة.
  • التنفيذ: إيداع المبلغ المحجوز على بطاقة مصرفية دولية أو تحويله من خلال قنوات معتمدة بتنسيق رسمي.

تتطلب المنظومة أن يكون المتقدم ليبي الجنسية، لا يقل عمره عن 18 عامًا، ويملك حسابًا في أحد المصارف المشاركة لتفعيل العملية بشكل قانوني وآمن.

تشكل منظومة حجز العملة الأجنبية خطوة مهمة لتحسين إدارة الأسواق المالية في ليبيا، لكن تحديات الانقسام السياسي ودخول السوق السوداء في منافسة مستمرة تبرز الحاجة إلى إجراءات أكثر شمولية لإحداث الاستقرار المالي والاقتصادي على المدى الطويل.

مراسل وصحفي ميداني، يركز على نقل تفاصيل الأحداث من قلب المكان، ويعتمد على أسلوب السرد الإخباري المدعوم بالمصادر الموثوقة لتقديم صورة شاملة للجمهور.