قرص كوكبي جديد يغير قواعد فهمنا لتشكل الكواكب
كشف تلسكوب جيمس ويب الفضائي عن اكتشاف مذهل في منطقة نشوء النجوم المعروفة باسم NGC 6357، حيث تم رصد قرص كوكبي ناشئ يحتوي على كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون مع ندرة ملحوظة في بخار الماء، وهو مشهد كيميائي غير معتاد يطرح تساؤلات جديدة حول تكوين الكواكب.
خصائص القرص الكوكبي والمواد الكيميائية فيه
يشير الاكتشاف الذي قادته جامعة ستوكهولم إلى وجود قرص كوكبي ناشئ يتميز بتركيبه الكيميائي الفريد، حيث رصد العلماء بواسطة تلسكوب جيمس ويب أربعة أشكال مختلفة من جزيئات ثاني أكسيد الكربون، بينما كان مستوى بخار الماء ضئيلاً للغاية؛ وهذا يعكس توازنًا كيميائيًا غير مألوف داخل القرص الذي يعتبر البذرة الأولى لتكوين أنظمة كوكبية جديدة. ويضيف هذا المشهد الجديد بعدًا هامًا لفهم العمليات المعقدة التي تتحكم في بداية نشأة الكواكب وتطورها في البيئات الغازية والسديمية النجمية.
سديم NGC 6357 ودوره في تشكل الكواكب داخل الأقراص الغازية
يقع سديم NGC 6357 أو ما يُعرف بـ”سديم الحرب والسلام” في كوكبة العقرب على مسافة تقارب 5500 سنة ضوئية من الأرض؛ وهو منطقة نشطة تحتوي على أعداد هائلة من النجوم الفتية المحاطة بأقراص غازية مظلمة وشرانق متوسعة، ويرتبط هذا السديم بسديم مجاور عبر سلاسل غازية خيطية، مما يشير إلى وجود مجمع نجمي ضخم واحد. يُستخدم نموذج تقليدي في تفسير تشكل الكواكب داخل هذه الأقراص، حيث تتحرك جزيئات الجليد المغلفة بالماء من أطراف القرص الباردة نحو المناطق الداخلية الأكثر دفئًا، مما يؤدي إلى تبخر الماء وظهوره كبخار مائي يمكن رصده طيفيًا بسهولة، إلا أن الرصد الأخير صدم العلماء بوجود وفرة غير مسبوقة من ثاني أكسيد الكربون مقابل ندرة في الماء.
تفسيرات علمية لتفوق ثاني أكسيد الكربون في القرص الكوكبي
حالة شح الماء مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون تفتح باب التساؤل حول العوامل التي أدت إلى هذا التوازن الكيميائي الفريد، ويرجح الباحثون أن الأشعة فوق البنفسجية القوية المنبعثة من النجم المركزي أو النجوم الضخمة المحيطة لعبت دورًا رئيسًا في تعديل التفاعلات الكيميائية داخل القرص؛ إذ يمكن لهذه الأشعة أن تكسر جزيئات الماء أو تمنع تراكمها بالكميات المعتادة، في حين تعزز إنتاج ثاني أكسيد الكربون ونظائره النادرة مثل الكربون-13 والأكسجين-17 و18، والتي تم رصدها بوضوح بواسطة تلسكوب جيمس ويب. وتوفر هذه البصمات الكيميائية أدلة مهمة لفك ألغاز التنوع النظائري في الأجسام الصغيرة مثل النيازك والمذنبات، التي تحمل معلومات حيوية عن نشأة نظامنا الشمسي.
المكون الكيميائي | التواجد في القرص الكوكبي | السبب المحتمل |
---|---|---|
ثاني أكسيد الكربون (CO₂) | نسبة مرتفعة وغير معتادة | تعزيز الإنتاج بفعل الأشعة فوق البنفسجية |
بخار الماء (H₂O) | نسبة منخفضة جدًا | تحلل أو منع تراكم بسبب التعرض للأشعة |
نظائر ثاني أكسيد الكربون | مكتشفة بأشكال متعددة (الكربون-13، الأكسجين-17 و18) | تسجيل بصمات كيميائية فريدة داخل القرص |
تكشف هذه النتائج عن تعقيدات وديناميكية العمليات الكيميائية في بيئة التكوين الكوكبي، حيث تتفاوت التوازنات الكيميائية وتتشكل أنماط جديدة قد تؤثر في أسس تكوين الكواكب والأنظمة الشمسية. يشكل هذا المشهد النادر في منطقة NGC 6357 تحديًا للنماذج التقليدية التي تعتمد على وجود ماء وفير في المناخات الكوكبية الوليدة، مؤكدًا على ضرورة تطوير فهمنا لتأثير الظروف المحيطة والطيفية على تركيب المواد الأولية للكواكب.