سعاد حسني تُشعل بيروت برقصة وغناء تعبيرًا عن لحظة فرح لا تُنسى

شاهدتُ عرض فيلم “خلي بالك من زوزو” في بيروت 2025 ضمن برنامج “في الصيف يغنين ويرقصن” الذي نظمته صالة “ميتروبوليس”، وكانت تجربة السينما الجماهيرية ذلك الزمن التي جمعت بين الفرح والنقد الاجتماعي حاضرة بقوة. هذا الفيلم الذي يُعتبر من العلامات الفارقة في تاريخ السينما الموسيقية المصرية لا يزال يحتفظ بسحره من خلال الأداء المتميز لسعاد حسني والأغنيات الخالدة مثل “يا واد يا تقيل” و”خلي بالك من زوزو”.

التجربة السينمائية الجماهيرية وأهمية عرض “خلي بالك من زوزو”

عندما نغوص في تجربة مشاهدة فيلم “خلي بالك من زوزو” على شاشة كبيرة وسط جمهور متنوع الأعمار، ندرك كيف تضفي السينما الجماهيرية لمسة خاصة ناشئة عن مشاركة الجماهير في فضاء عام. عرض الفيلم في الهواء الطلق ضمن أجواء بيروت المتعطشة للفن يعد فرصة لاستعادة ذاك الحضور الثقافي الذي يشكل السينما فيه مكاناً للتلاقي والتجربة المشتركة. تعكس هذه التجربة قيمة غير متكررة مقارنة بالفرجة المنعزلة في المنزل أو عبر شاشات الحاسوب، إذ السينما هنا منصة لكل من يبحث عن تواصل وجداني مع قصص الحياة اليومية المنعكسة على الشاشة.

سعاد حسني ورائدة تجديد فن الاستعراض في السينما العربية

تُعدّ سعاد حسني في فيلم “خلي بالك من زوزو” نموذجاً لرائدة الأسلوب الغنائي الاستعراضي، حيث جمعت بين موهبتها التمثيلية المتميزة وحضورها الكاريزمي المبعث على الإعجاب. لم تكن سعاد مجرد نجمة ملصق، بل بنت حضوراً فنياً قوياً عززته علاقة تعاون مع كبار الشعراء والملحنين مثل صلاح جاهين وسيد مكاوي. الفيلم يناقش قضايا اجتماعية شائكة مثل الصراع الطبقي وتطور دور النساء في التعليم والعمل، مقدمًا صورة فنية لشابة عصرية تدرس وتعمل وتواجه الحياة بشجاعة، وهو ما كان تغييرًا جذريًا عن أنماط بطلات السينما في عصرها.

الفرح المفقود وأثره في السينما الجماهيرية اليوم

يبرز فيلم “خلي بالك من زوزو” كتحفة تدمج بين الجدية والبهجة، وهو ما نفتقده اليوم في أغلب الأعمال الفنية، حيث يميل الإنتاج المعاصر إلى الترفيه المرتبط بالثراء والمظاهر الاجتماعية. مؤكدة هانية مروة، مؤسسة “ميتروبوليس”، أن استعادة الفرح الذي كان يشكل جوهر تلك الأفلام أمر جوهري للاستمرار في صناعة فن حقيقي يلامس الناس. إن السينما الشعبية في ذلك الحين لم تكن فقط وسيلة ترفيهية بل تحافظ على مستوى فني متقن وتجسد الواقع الاجتماعي بصدق، بخلاف السينما التجارية المعاصرة التي تركز على الربح.

  • عرض الأفلام القديمة في الهواء الطلق يبني جسوراً بين الأجيال المختلفة
  • السينما الجماهيرية تمثل مساحة للتلاقي الاجتماعي والتبادل الثقافي
  • أعمال سعاد حسني توثق لتطور دور النساء في المجتمع المصري
  • الترميم والحفاظ على التراث السينمائي ضروري للحفاظ على الذاكرة الجماعية

امتدت تجربة متابعة “خلي بالك من زوزو” لتشمل استحضار زمن ثقافي يحمل ملامح فرح بريء وصراعات اجتماعية حقيقية، جعلت الفيلم نموذجًا خالدًا عن السينما الموسيقية التي تتجاوز الترفيه إلى العطاء الإنساني. وبينما نتأمل تلك المشاهد والأغاني، نعي حرمة الفرح الذي فقدناه، ونفكر كم هو مهم أن تحمل السينما الجماهيرية همّ الناس وتعيد إنتاج تجاربهم بحس إنساني راقٍ.

مراسل وصحفي ميداني، يركز على نقل تفاصيل الأحداث من قلب المكان، ويعتمد على أسلوب السرد الإخباري المدعوم بالمصادر الموثوقة لتقديم صورة شاملة للجمهور.