تمكين المرأة في الإمارات يحول التوازن بين الطموح المهني والاستقرار الأسري إلى نموذج يحتذى به

تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من تحقيق إنجازات بارزة في ملف تمكين المرأة، مما وضعها بين الدول الرائدة إقليمياً وعالمياً في تقارير التنافسية، حيث تعكس هذه الإنجازات رؤية القيادة الحكيمة التي ترى في المرأة شريكاً أساسياً في مسيرة التنمية المستدامة، وقد برز دور سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات” في تعزيز مكانة المرأة من خلال دعمها المستمر لمبادرات التمكين في مختلف المجالات.

مبادرات تمكين المرأة الإماراتية التي أسهمت في تطوير المجتمع

تبنّت القيادة الإماراتية منذ تأسيس الدولة عام 1971 استراتيجية واضحة تركز على بناء الإنسان دون تمييز بين الجنسين، باعتباره الثروة الحقيقية للوطن، وقد تجلى هذا النهج في صياغة تشريعات دستورية وقوانين اتحادية تضمن حقوق المرأة في التعليم والعمل والملكية والمشاركة السياسية، مع مراجعات مستمرة لضمان مواكبة التطورات المجتمعية. وساهم الاتحاد النسائي العام، منذ تأسيسه عام 1975، في تذليل المعوقات التي تواجه النساء عبر برامج ومبادرات استراتيجية منهجية، منها الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة التي أُطلقت عام 2002 وتم تحديثها بين 2015 و2021، بالإضافة إلى الاستراتيجية الوطنية للأمومة والطفولة 2017-2021 والسياسة الوطنية لتمكين المرأة 2023-2030، وصولاً إلى “رؤية أم الإمارات 50:50” التي تعكس طموحات المرحلة المقبلة.

مجالات حيوية لتطبيق تمكين المرأة في دولة الإمارات

أسفرت جهود تمكين المرأة الإماراتية عن ارتقاء ملحوظ في نسبة مشاركتها في مواقع القيادة وصنع القرار؛ حيث تشغل المرأة نصف مقاعد المجلس الوطني الاتحادي، إلى جانب وجود تسع وزيرات في مجلس الوزراء يتولين حقائب استراتيجية منها التعليم وتنمية المجتمع والتعاون الدولي، وكذلك تمثيلها البارز في السلك الدبلوماسي بنسبة تصل إلى 49.5% من موظفي وزارة الخارجية، بجانب ممارستها لمناصب قضائية وإدارية رفيعة المستوى، مما يؤكد التزام الدولة بتمكينها على كافة الأصعدة. لم يقتصر تمكين المرأة على الجانب السياسي، بل امتد ليشمل النجاحات الاقتصادية، حيث تدير أكثر من 25 ألف سيدة أعمال استثمارات تفوق 60 مليار درهم، كما تتسيد نسبة النساء في القطاع الحكومي 66%، مع تبوؤ 30% منهن مناصب قيادية عليا بينما تحتل 15% وظائف تخصصية، فضلاً عن حضور فاعل في القطاعات الحيوية، حيث تشكل المرأة الإماراتية 35% من القوى العاملة في الصحة، و40% في التعليم، و20% في الشؤون الاجتماعية، مما يدل على تأثيرها الكبير ومساهمتها في تحسين جودة الحياة للمجتمع.

السياسات المرنة والتعليمية ودورها في تمكين المرأة الإماراتية

يُعد التعليم الركيزة الأساسية التي قامت عليها تجربة تمكين المرأة في الإمارات، حيث ارتفعت نسب التحاق الإناث بالتعليم العالي إلى 77%، وشكلن 70% من خريجي الجامعات، كما أن 56% من خريجي تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والابتكار هم من النساء، فيما تصل نسبة إلمام الإناث بالقراءة والكتابة إلى 95.8%، مع استمرار 95% من خريجات المدارس الثانوية في التعليم الجامعي مقارنة بنسبة 80% للذكور. وبجانب التعليم، أولت الدولة اهتماماً بالغاً للقطاع الصحي، الذي يعزز من جودة الحياة والاستقرار الأسري، عبر زيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية واستقطاب الكفاءات الطبية، مما خلق بيئة صحية تدعم دور المرأة مجتمعياً ومهنياً. وحرصت السياسات على توفير بيئة عمل مرنة تمنح المرأة القدرة على التوازن بين مسؤولياتها المهنية والأسرية، وتشمل تشريعات متطورة لإجازات الأمومة ورعاية الطفل، إضافة إلى برامج توعية تهدف لتعزيز التكامل بين الرجل والمرأة في تحمل الأدوار، مما ساهم بشكل كبير في الحفاظ على التوازن الأسري والنسيج الاجتماعي الإماراتي.

المؤشر معدل التمكين في الإمارات المعدل الإقليمي
مؤشر المساواة بين الجنسين (2023-2024) المركز السابع عالمياً متوسط 53.2 نقطة
نسبة حقوق المرأة حسب البنك الدولي (2023) 82.5 نقطة من 100 غير متوفر
مؤشر المرأة والسلام والأمن (2021) المركز الأول عالمياً غير متوفر

تأتي هذه المؤشرات المتقدمة نتيجة لالتزام الدولة بتوفير بيئة تشريعية وقانونية تحمي حقوق المرأة وتضمن تكافؤ الفرص، بالإضافة إلى تشجيعها المستمر لدور المرأة في مختلف المجالات، وهو ما يؤكد مكانة الإمارات كمثال عالمي في دعم حقوق المرأة وتطوير دورها ضمن المجتمع. تتجلى هذه الإنجازات أيضاً في رؤية شاملة تحافظ على توازن المرأة بين دورها في المجتمع وموقعها داخل الأسرة، مما يعزز من تعزيز الهوية الوطنية والقيم الاجتماعية السائدة، ويبرهن على نجاح الإمارات في إرساء نموذج تمكين نسائي يحمل بين طياته استمرار التنمية والاستقرار على المدى البعيد.

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.