السيارات الكهربائية وبطارياتها: الوجهة الحقيقية بعد انتهاء عمرها الافتراضي
تُعتبر إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية قضية ذات أهمية متزايدة بسبب التحديات المتعلقة بالحصول على المعادن النادرة التي تحتويها هذه البطاريات، وهو ما يدفع الباحثين والصناعيين إلى ابتكار طرق جديدة لاستخراج واستخدام هذه المواد القيمة. تجري شركة ألتيليوم في جنوب غرب إنجلترا عملية معقدة لاستخراج المواد الأساسية من “الكتلة السوداء” الناتجة عن سحق بطاريات السيارات الكهربائية المستعملة، والتي تحتوي على الليثيوم، النيكل، الكوبالت، والغرافيت.
تحولات مهمة في إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية
يُركز مختبر شركة ألتيليوم على فصل المعادن النادرة من الكتلة السوداء التي تحتويها بطاريات السيارات الكهربائية، وهذه الصناعة تتطور بسرعة مع تزايد استخدام السيارات الكهربائية عالميًا في ظل أزمة المناخ. تتضمن المواد التي يُستخلصها المختبر الليثيوم والكوبالت والنيكل التي تعتبر ضرورية لصناعة بطاريات جديدة، وفي الوقت ذاته، يتم التخلص من البلاستيك والفولاذ غير المرغوب فيه. تتجه الدول إلى تعزيز اعتمادها على الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، مما يزيد الطلب على هذه البطاريات، ويجعل إعادة تدويرها أمرًا حيويًا لمنع نفاد الموارد الطبيعية وتقليل الأضرار البيئية.
تقنيات متقدمة لفصل واستخلاص مكونات بطاريات السيارات الكهربائية
تستخدم شركة ألتيليوم عمليات متطورة لفصل المعادن من الكتلة السوداء، حيث يعمل فريق العمل على نقع المسحوق في حمض الكبريتيك لفصل الغرافيت باستخدام طريقة معالجة حرارية مائية تقلل من الانبعاثات الضارة، إضافة إلى استخدام مواد كيميائية خاصة مع مذيبات لانتزاع النيكل والكوبالت والمنغنيز من المحاليل الحمضية. هذه العمليات تسمح بتوفير مكونات نقية تُستخدم مرة أخرى في تصنيع بطاريات جديدة بأداء عالي، مع تحقيق استدامة أكثر واقتصاد دائري يقلل من الاعتماد على التعدين المكلف بيئيًا والمعرض لمخاطر العمل وصراعات حقوق الإنسان.
دور إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية في تأمين سلسلة الإمداد المستدامة
تضمن إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية تأمين المواد النادرة اللازمة لإنتاج البطاريات مستقبلاً، خصوصًا مع انعدام الموارد المعدنية في بعض الدول مثل المملكة المتحدة، مما يجعل من استرجاع هذه المعادن استراتيجية مهمة لتوفير أمن الطاقة والحد من الاعتماد على الواردات. كما أن تصنيع البطاريات من مواد معاد تدويرها يمتلك فوائد اقتصادية حيث تقلل التكلفة بحوالي 20% عن المواد التقليدية، ما يساعد على إنتاج كمية كبيرة من البطاريات سنويًا. تشير التقديرات إلى إمكانية تغطية ما بين 10% و40% من مواد البطاريات المطلوبة في السنوات القادمة من خلال إعادة التدوير، مع تبني الحكومات سياسات صارمة لتحسين كفاءة إعادة التدوير ورفع نسبة المحتوى المعاد تدويره ليكون معيارًا في صناعة البطاريات بحلول عام 2025.
يرتبط نجاح إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية بتطوير تصميمات بطاريات تسهل تفكيكها وفصل مكوناتها، بالإضافة إلى توسيع نطاق المنشآت المتخصصة في هذا المجال. تسعى شركات مثل ألتيليوم إلى بناء مصانع أكبر قادرة على العمل بشكل مستمر، مما سيزيد من إنتاج المواد المعاد تدويرها بشكل كبير. هذا التوجه ليس مهمًا فقط لحماية البيئة وتقليل الانبعاثات، وإنما يساهم أيضًا في تقليل المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بضعف توفر المعادن النادرة عالميًا، مما يعزز استقلالية الدول في سلسلة التوريد الخاصة بالطاقة النظيفة. إعادة تدوير البطاريات ليست مجرد خطوة بيئية بل تتحول إلى فرصة استراتيجية واقتصادية متقدمة تقرب العالم من مستقبل مستدام واقتصاد دائري يقلل من الهدر ويستفيد من الموارد المتاحة بأعلى كفاءة.