الاقتصاد الصيني يواجه منعطفاً حاسماً مع سحب إيفرغراند العملاقة للعقارات من البورصة بعد عقود من التداول

قبل تصاعد أزمة الديون التي تعرضت لها، كانت شركة إيفرغراند تعمل على بناء ملعب جديد لفريقها الخاص، نادي قوانغتشو لكرة القدم، في خطوة تعكس حجم توسعها في مختلف القطاعات الرياضية والعقارية على حد سواء. تشكل أزمة شركة إيفرغراند العقارية المتعمقة انعطافاً حاسماً بعد سحب أسهمها من سوق هونغ كونغ للأوراق المالية، وما تبع ذلك من أوامر قضائية لتصفية الشركة، مما أثار قلقاً واسعا حول مستقبل أكبر شركات التطوير العقاري في الصين.

نشاط شركة إيفرغراند وتنوع استثماراتها في الصين

أسس هوي كا يان شركة إيفرغراند في عام 1996 بمدينة قوانغتشو الواقعة في جنوب الصين، لتتحول إلى واحدة من أبرز كيانات التطوير العقاري في البلاد. أنجزت الشركة خلال فترة ازدهارها أكثر من 1300 مشروع في 280 مدينة مختلفة، ما يجعل نشاط شركة إيفرغراند أكبر من مجرد تطوير عقاري؛ فهي تمتد لتشمل إدارة الثروات، تصنيع السيارات الكهربائية، ومن ضمن استثماراتها نادي قوانغتشو لكرة القدم، الذي يعد الأنجح في تاريخ كرة القدم الصينية. قبل تدهور وضع الشركة، كانت ثروة مؤسسها تُقدر بأكثر من 42 مليار دولار أمريكي حسب تقديرات مجلة فوربس، ما يعكس مدى النفوذ الاقتصادي الذي كانت تملكه في آسيا.

الأسباب الحقيقية وراء معاناة شركة إيفرغراند المالية الحالية

توسعت شركة إيفرغراند بشكل سريع ومستمر عبر الاقتراض بقيمة تزيد على 300 مليار دولار أمريكي، ما جعلها تتصدر المشهد العقاري الصيني. لكن نظام القيود الحكومية الجديد الذي فرضته بكين في عام 2020 على كبار مطوري العقارات، شكل ضغطاً كبيراً على تدفق الأموال في الشركة. أرغمت هذه القواعد شركة إيفرغراند على بيع بعض أصولها بأسعار منخفضة جداً لسد احتياجات السيولة، الأمر الذي قلل من قدرتها على سداد فوائد ديونها الضخمة. تأثرت قيمة أسهم الشركة بشدة حتى فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ بداية الأزمة. وفي محاولة لمنع خسارة أصولها في الخارج، أعلنت الشركة إفلاسها في نيويورك خلال أغسطس 2023، سعياً للتفاوض مع الدائنين حول تسوية مالية قد تحفظ ما تبقى من أصولها.

الأزمة التي تمر بها شركة إيفرغراند وتأثيرها على الاقتصاد الصيني

تمثل مشاكل إيفرغراند أزمة عميقة لأن قطاع العقارات يشكل حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي للصين، كما يعد مصدر دخل رئيسي للحكومات المحلية عبر الضرائب والرسوم المختلفة. أدت الأزمة إلى تباطؤ أنشطة الإنشاء والاستثمار في القطاع العقاري، مما أثر سلباً على القطاعات المرتبطة مثل البناء، الذي يوفر ملايين الوظائف. من جهة أخرى، انخفض إنفاق المستهلك بشكل ملحوظ نتيجة فقدان الأسر الصينية لمدخراتها المستثمرة في العقارات، ما زاد من الضغوط الاقتصادية العامة. ويركز الرئيس الصيني، شي جين بينغ، حالياً على تعزيز التصنيع عالي التقنية والابتكار في مجالات مثل الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، مما يجعل الأولويات الاقتصادية تتجه بعيداً عن دعم شركات العقارات المتعثرة.

التاريخ الحدث التفاصيل
يناير 2024 توقيف تداول الأسهم تعليق تداول أسهم إيفرغراند في هونغ كونغ بأمر المحكمة العليا
مارس 2024 غرامة مؤسس الشركة فرض غرامة 6.5 مليون دولار على هوي كا يان ومنعه من سوق رأس المال الصينية
أغسطس 2023 إعلان الإفلاس إيفرغراند تعلن إفلاسها في نيويورك لحماية أصولها أثناء التفاوض مع الدائنين

خلال الأزمة، لجأت الحكومة الصينية إلى ضخ سيولة في الاقتصاد عبر منح قروض ميسرة للبنوك الحكومية، وتوفير تسهيلات تمويلية للمشترين في سوق العقارات، لكنها لم تقدم خطط إنقاذ مباشرة لشركات التطوير العقاري مثل إيفرغراند، حرصاً على عدم تشجيع السلوكيات المالية الخطرة. مع تحول السياسة الاقتصادية نحو مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة، يواجه قطاع العقارات تحديات كبيرة، مما يعكس تحولات عميقة في المشهد الاقتصادي الصيني بأكمله.

كاتب لدي موقع عرب سبورت في القسم الرياضي أهتم بكل ما يخص الرياضة وأكتب أحيانا في قسم الأخبار المنوعة