المخاطر الجيوسياسية ترفع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة

كانت أسعار النفط تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية التي تضغط على السوق، خاصة مع تراجع الآمال في التوصل إلى اتفاق سلام قريب بين روسيا وأوكرانيا؛ مما دفع المتعاملين إلى إعادة تقييم توقعاتهم بشأن مسار النفط في الفترة القادمة.

تطورات أسعار النفط وتأثير المخاطر الجيوسياسية

شهدت أسعار النفط تحركات إيجابية عقب استقرارها خلال تعاملات الأمس، منهية خسائر متتالية استمرت لمدة أسبوعين بسبب الضغوط السياسية والاقتصادية، حيث اغتنمت السوق فرصة تصاعد التوترات الجيوسياسية لتسجيل مكاسب جديدة؛ فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت إلى 67.73 دولارًا للبرميل بزيادة طفيفة بلغت 6 سنتات أو ما يعادل 0.09%، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 63.66 دولارًا للبرميل بنسبة 0.22% بعد زيادة قدرها 14 سنتًا، ويأتي ذلك بعد تسجيل الخامين مكاسب تجاوزت واحدًا في المئة في الجلسة السابقة. وعلى المستوى الأسبوعي، سجل خام برنت ارتفاعًا بنسبة 2.7%، بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.1%، في ظل استمرار حالة من عدم الاستقرار السياسي التي تؤثر بشكل كبير على أسعار النفط.

كيفية تأثير المخاوف الجيوسياسية على أسعار النفط العالمية

أعاد ارتفاع المخاطر الجيوسياسية الثقة إلى السوق، حيث بات المتعاملون يتوقعون مزيدًا من التقلبات بسبب تراجع فرص التوصل إلى تسوية سياسية بين روسيا وأوكرانيا رغم الجهود الدبلوماسية، التي يقودها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي لم تسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة لإنهاء الصراع. إلى جانب ذلك، دعم بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أسعار النفط، عقب إعلانها عن تراجع كبير في مخزونات الخام بمقدار 6 ملايين برميل خلال الأسبوع المنتهي في 15 أغسطس، متجاوزة توقعات المحللين التي أشارت إلى انخفاض قدره 1.8 مليون برميل فقط؛ مما يعكس نموًا ملموسًا في الطلب على النفط ويزيد من الضغوط على الإمدادات العالمية.

تأثير أسعار الفائدة على سوق النفط ومستقبل الأسعار

تابعت الأسواق بيقظة تصريحات رئيس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي جيروم باول خلال اجتماع جاكسون هول السنوي في ولاية وايومنج، حيث أكد أن السياسة النقدية ما تزال تُدار ضمن إطار التقييد، لكنه لمح إلى تحول محتمل في ميزان المخاطر بين تحقيق التوظيف الكامل وضبط التضخم، مما يشير إلى إمكانية تعديل السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة. هذا التغير المتوقع في السياسة النقدية يضيف عنصرًا جديدًا يؤثر على أسعار النفط، حيث يشير مؤشر أداة CME FedWatch إلى احتمالية خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقرر في سبتمبر، وهو ما يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على تكاليف التمويل والاستثمار في قطاع النفط.

في ظل هذا المشهد، تستمر المخاطر الجيوسياسية كمحرك رئيسي لأسعار النفط، إضافة إلى عوامل الطلب والعرض التي تتقاطع مع متغيرات السياسة النقدية لتشكيل اتجاهات الأسعار خلال الأسابيع القادمة. يبقى السوق متأهبًا لأي تطورات جديدة قد تسهم في تغير مسار أسعار النفط، خاصة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي الذي يحيط بالمنطقة والعالم.