عودة داعش إلى العراق وسوريا تثير مخاوف متجددة وتأثيرات أمنية غير مسبوقة
تُعد المخاوف المتعلقة بخطر عودة تنظيم داعش في العراق وسوريا واقعاً ملحاً تتطلب التعامل معه بحذر، خاصة مع التحذيرات الأمريكية المتكررة التي تركز على التوسع الإقليمي للتنظيم وتتساءل هل تهدد عودة داعش الأمن والاستقرار في هذه المناطق الحيوية بشكل مباشر.
التحذيرات الأمريكية وأبعاد خطر عودة داعش في العراق وسوريا
تشير التحذيرات الأمريكية إلى أن نشاط تنظيم داعش لا يزال ملموساً ويتسع في مناطق عدة بالعراق وسوريا، وهذا الخطر يستوجب تنسيقاً إقليمياً دقيقاً بين بغداد وحكومة دمشق الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) للسيطرة الفعلية على الحدود والقضاء على أي فراغات أمنية يمكن أن يستغلها التنظيم، إذ تعبر السفارة الأمريكية في بغداد عن قلقها العميق إزاء العمليات المستمرة للتنظيمين داعش والقاعدة، كما تشدد على أهمية تحديث الشراكات الأمنية مع الحلفاء للحد من انتشار الجماعات الإرهابية.
ويرى الخبير الأمني العراقي سرمد البياتي أن التحذيرات تصدر انطلاقاً من رؤية واشنطن لقيمة تنظيم داعش كتهديد إقليمي كبير، مع توضيحه أن نشاط التنظيم في العراق ينحصر غالباً في خلايا صغيرة غير قادرة على السيطرة الكاملة على المناطق، ويفسر الخبير العسكري العراقي علاء النشوع وجود خطر داعش في وادي حوران وحمرين وكذلك في البادية السورية، معتبراً أن ضعف القدرات الجوية العراقية وعدم وضوح تصور القيادات يؤثر على محاربة التنظيم بفعالية، كما يشير النشوع إلى أن الخطابات الطائفية وتصاعد الخلافات السياسية تحد من قدرة البلاد على تعزيز أمنها القومي.
انعكاسات انسحاب التحالف الدولي على مستقبل الأمن من خطر داعش
تزامنت تحذيرات الولايات المتحدة مع بدء انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، حيث بدأ تقليص الوجود العسكري الأمريكي تدريجياً من قواعد عين الأسد وفكتوريا باتجاه أربيل والكويت يُطرح هذا الانسحاب كمصدر قلق حقيقي نظراً لاحتمالية فتح المجال لتنشيط خلايا داعش، خاصة في حال لم يتم الاتفاق على آليات فعالة للرصد الجوي، ويؤكد سرمد البياتي أن هذا الوضع قد يشجع التنظيم على تنفيذ عمليات إرهابية جديدة.
كما يشير الخبير علاء النشوع إلى أن مطالبات إخراج التحالف كانت مدفوعة برغبات إقليمية، حيث تسعى فصائل مسلحة مدعومة من إيران لتقويض وجود القوات الفاعلة، ويزيد هذا الضغط من مخاطر تفاقم التهديدات الأمنية، وسبق لمعهد نيو لاين انستيتيوت أن أوصى بتمديد بقاء القوات الأمريكية إلى عام 2029 بهدف دعم القوات العراقية ومنع عودة داعش إلى نشاطها السابق بشكل أكبر.
دور التنسيق الإقليمي وأهمية التعاون الأمني للوقاية من عودة داعش
يركز الباحث السوري لزكين إبراهيم على أن نشاط داعش في سوريا وخصوصاً في البادية ومناطق دير الزور والبوكمال يشكل منصة استراتيجية لانطلاق عمليات التنظيم إلى العراق، ويشير إلى إطلاق التنظيم مشروعاً متكاملاً لإعادة تنظيم صفوفه، مستفيداً من البيئة الجغرافية التي تربط بين المناطق الحدودية، مما يجعل الحدود السورية العراقية نقطة ضعف كبرى تواجه الأمن القومي العراقي، كما يكشف استهداف قيادات تنظيم داعش في عمق سوريا عن وجود تنسيق قوي بين أجنحة التنظيم في البلدين.
خلال ذلك، تدعو هذه المخاطر إلى رفع مستوى التعاون الأمني والإقليمي، لا سيما بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة الجديدة في دمشق، رغم التحديات السياسية التي تعيق هذا التنسيق، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن أهمية ضبط الحدود ومنع استغلال الفراغات الأمنية من قبل التنظيم، ويذكر الخبير العسكري السوري محمد عباس أن التداخل الجغرافي والديمغرافي بين سوريا والعراق يجعل أمن البلدين مترابطاً بدرجة كبيرة، كما يؤكد أن تنظيم داعش كان جزءاً من الاستراتيجيات الأمريكية لاستمرار وجودها في المنطقة، الأمر الذي يدل على تعقيد المشهد وضرورة مواجهة الخطر بأدوات أكثر تنسيقاً وفعالية.
قاعدة | موقع | موعد الانسحاب المتوقع | الوجهة | القوات المتبقية |
---|---|---|---|---|
عين الأسد | أنبار – العراق | نهاية سبتمبر 2025 | سوريا – أربيل – الكويت | من 2000 إلى أقل من 500 جندي في أربيل |
فكتوريا | مطار بغداد – العراق | نهاية سبتمبر 2025 | أربيل – الكويت | تقلص تدريجي للقوات |
تستوجب عودة تنظيم داعش إلى العمل الجاد لمواجهة المخاطر التي تتأتى من الفراغ الأمني والاستفادة من التجارب السابقة، بالإضافة إلى تحسين القدرات الجوية والعسكرية العراقية وتفعيل الشراكات الإقليمية والمحلية لتحقيق استقرار مستدام، فالتهديد لا يقتصر على وجود التنظيم على الأرض فقط، بل يمتد إلى التلازم البنيوي بين أفرعه في سوريا والعراق، مما يحتم اتخاذ خطوات أمنية وسياسية مدروسة لمنع تنامي نشاط التنظيم الإرهابي.